الفكاهة مَقْوَدة إلى الأذى، وَأَمَا مَرْيَم وَمَدْيَن (١) فإن جعلتهما فَعْيَلاً فلا شذوذ، إذ الياء للإلحاق، وإن جعلتهما مَفْعَلاً فشاذان، وَمَكوَزَةٌ شاذ في الأعلام.
وقال المبرد: المزيد فيه الموازن للفعل إنما يعل إذا أفاد معنى الفعل كالْمَقَام، فإنه موضع يقام فيه، وكذا الْمُقَامُ، بضم الميم، موضع يفعل فيه الإقامة، فعلى ما ذهب إليه مريم ومدين ليسا بشساذين، وإن كانا مَفعَلا، لعريهما عن معنى الفعل، وكذا نحو تفعل من البيع بكسر التاء ينبغي أن لا يعل، بل يقال: تَبِيْع.
وإنما لم يشترط التباين في الثلاثي واشترط في ذي الزيادة لأن ذلك في المزيد فيه لئلا يشتبه بالفعل لو سُمي به مُعَلاًّ، فإنه لو أعل لكان يلتبس بعد التسمية به بالفعل، بسبب سقوط الكسر والتنوين، وأما الثلاثي فكسره وتنوينه وإن كان عَلَماً يفصله عن الفعل.
وإن لم يكن ذو الزيادة الاسمي مبايناً للفعل بوجه نحو أبيض وأسود وأدون منك وأَبْيَع، ونحو إبْيَع على وزن إصْبَع من البيع ونحو تُبْيَع على وزن تُرْتَب منه، فلا يعل شئ منها ليكون فرقاً بين الأسماء والأفعال، والأفعال بالإعلال أولى، لأصالتها فيه، وأما إعلال نحو أبَانَ على قول من لم يصرفه فلكونه منقولاً
عن فعل مُعَلٍّ إلى الاسم، ومن صرفه فهو فَعَال، وليس مما نحن فيه.
وإن لم يوازن الاسم الثلاثي المزيد فيه الفعل لم يعل هذا الإعلال، فعند سيبويه لم يعل هذا الإعلال نحو الطَّوَفَان وَالْحَيَدَان والنَّزَوَان والغليان وحمار حَيَدَى (٢) والصَّوَرَى (٣) لخروج الاسم بهذه الزيادة اللازمة للكلمة عن وزن
(١) أنظر (ح ٢ ص ٣٩١، ٣٩٢) (٢) يقال: حمار حيدى، إذا كان يحيد عن ظله من النشاط، ولم يوصف مذكر بوصف على وزن فعلى إلا بهذه الكلمة، ويقال: حمار حيد - كميت - بالمعنى السابق (٣) الصوري - بفتحات مقصورا -: موضع أو ماء قرب المدينة، وقال ابن (*)