فعدّل الاسم الذي هو أسبق من الصفة بقلب يائه واواً، فلما وُصل إلى الصفة خلّيت بلا قلب، للفرق قوله " البَقْوى " من الإبقاء، وهو الرحمة والرعاية، ولا استدلال في رَيَّا،
لجواز أن يكون قلب واوه ياء لاجتماع الواو والياء وسكون أسبقهما (١) وإذا كان الناقص على فُعْلَى - بضم الفاء - فلا يخلو: إما أن يكون واوياً، أو يائياً، وكل واحد منهما إما اسم، أو صفة، فالثاني لا تقلب لامه: اسماً كان أو صفة، لحصول الاعتدال في الكلمة بثقل الضمة في أولها وخفة الياء في آخرها، فلو قلبت واواً لكان طرفا الكلمة ثقيلين، وأما الواوي فحصل فيه نوع ثقل بكون الضمة في أول الكلمة والواو قرب الآخر، فقُصِد فيه مع التخفيف الفرقُ بين الاسم والصفة، فقلبت الواو ياء في الاسم، دون الصفة، لكون الاسم أسبق من الصفة فعدّل بقلب واوه ياء، فلما صل إلى الصفة خلّيت، لأجل الفرق بينهما.
وذكر سيبويه من فُعْلَى الاسمية الدُّنْيا والْعُلْيَا والْقُصْيَا، وإن كانت تأنيث الأدنى والأعلى والأقصى أفعل التفضيل، إذ الفُعْلى الذي هو مؤنث الأفعل حكمه عند سيبويه حكم الأسماء، لأنها لا تكون وصفاً بغير الألف واللام، فأجريت مجرى الأسماء التي لا تكون وصفاً (بغير الألف واللام) ، كما تقدم في هذا الباب، فعلى هذا في جعل المصنف الْقُصْوَى اسماً والْغُزْوى (والْقُضْيَا تأنيثي الأغزى والأقضى صفةً نظرٌ، لأن القصوى (أيضاً) تأنيث الأقصى، قال سيبويه: وقد قالوا الْقُصْوَى فلم يقلبوا واوها ياء، لأنها قد تكون صفة بالألف واللام، فعلى مذهب
(١) نقول: بل يستدل بريا على أن لام الصفة التى على فعلى - بالفتح - إن كانت ياء لم تقلب واوا، للفرق بين الاسم والصفة، وذلك لان أصله رويا، بزنة عطشى ولو قلبت لقيل روى - بتشديد الواو - ولما لم تقلب اللام واوا قلبت العين التى هي واو ياء لاجتماعها مع الياء وسبق إحداهما بالسكون، فهذا القلب لم يحصل إلا لانهم لم يقلبوا الياء التى هي لام واوا، ولو قلبوها لما وجد المقتضى لقلب الواو ياء (*)