للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بأنواع مختلفة، فلولا اختلاف أوضاع آلة الحروف - وأعني بآلتها مواضعَ تكونها في اللسان والحلق والسن والنِّطع (١) والشفة، وهي المسماة بالمخارج - لم تختلف الحروف، إذ لا شئ هناك يمكن اختلاف الحروف بِسببه إلا مادتها وآلتها، ويمكن أن يقال: إن اختلافها قد يحصل مع اتحاد المخرج بسبب اختلاف وضع الآلة من شدة الاعتماد وسهولته وغير ذلك، فلا يلزم أن يكون لكل حرف مخرج قوله " فللهمزة والهاء والألف أقصى الحلق، وللعين والحاء وسطه، وللغين والخاء أدناه " أي: أدناه إلى الفم، وهو رأس الحلق، هذا ترتيب سيبويه ابتدأ من حروف المعجم بما يكون من أقصى الحلق، وَتَدَرَّج إلى أن ختم بما مخرجه الشفه، والظاهر من ترتيبه أن الهاء في أقصى الحلق أرفع من الهمزة، والالف أرفع من الهاء، ومذهب الأخفش أن الألف مع الهاء، لاقدامها ولا خلفها، قال ابن جني: لو كانا من مخرج لكان ينقلب الألف هاء لا همزة إذا حركتها.

ولمانع أن يمنع من انقلاب الألف همزة بالتحريك، والحاء في وسط الحلق أرفع من العين، والخاء في أدنى الحلق أعلى من الغين، وكان الخليل يقول: الألف اللينة والواو والياء والهمزة هوائية: أي أنها من هواء الفم لا تقع على مَدْرَجَة من مدارج الحلق ولا مدارج اللسان، قال: وأقصى الحروف كلها في الحلق العين، وأرفع منها الحاء، وبعدها الهاء، ثم بعدهما إلى الفم الغين والخاء، والخاء أرفع من الغين


(١) قال في اللسان: " النطع (بكسر أوله وسكون ثانيه) والنطع (بكسر أوله وفتح ثانيه) والنطع (بفتحتين) والنطعة (بكسر ففتح) : ما ظهر من غار الفم الاعلى، وهى الجلدة الملتزقة بعضم الخليفاء فيها آثار كالتخريز، وهناك موقع اللسان في الحنك " اه.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>