يرخى الصوت فيخرج الصوت من الفم ضعيفاً، ثم إن أردت الجهر بها وإسماعها أتبعت صوتها بصوت من الصدر ليفهم، وتَمتحن المجهورة بأن تكررها مفتوحة أو مضمومة أو مكسورة: رفعت صوتك بها أو أخفيته: سواء أشبعت الحركات حتى تتولّد الحروف، نحو قاقاقا، وقوقوقو، وقى قي قي، أو لم تشبعها نحو قَقَقَ، فإنك ترى الصوت يجرى ولا ينقطع، ولا يجري النفس إلا بعد انقضاء الاعتماد وسكون الصوت، وأما مع الصوت فلا يجري ذلك، لأن النفس الخارج من الصدر - وهو مركب الصوت - يحتبس إذا اشتدَّ اعتماد الناطق على مخرج الحرف، إذ الاعتماد على موضع من الحلق والفم يحبس النفس وإن لم يكن هناك صوت، وإنما يجري النفس إذا ضعف الاعتماد، وإنما كررت الحرف في الامتحان لأنك لو نطقت
بواحد من المجهورة غير مكرر فعقيب فراغك منه يجري النفس بلا فصل، فيظن أن النفس إنما خرج مع المجهورة لا بعده، فإذا تكرر وطال زمان الحرف ولم يخرج مع تلك الحروف المكررة نَفَس عرفت أن النطق بالحروف هو الحابس للنفس، وإنما حُرِّكت الحروف لأن التكرير من دون الحركة محال، وإنما جاز إشباع الحركات لأن الواو والالف والياء مجهورة فلا يجري مع صوتها النفس، وأما المهموسة فإنك إذا كررتها مع إشباع الحركة أو بدونه فإن جوهرها لضعف الاعتماد على مخارجها لا يحبس النفس، فيخرج النفس ويجري كما يجري الصوت بها، نحو كَكَكَ، فالقاف والكاف قريباً المخرج، ورأيت كيف كان أحدهما مجهوراً والآخر مهموساً، وقس على القاف والكاف سائر المجهورة والمهموسة فنقول جميع حروف الهجاء على ضربين: مهموسة وهي حروف (سَتَشْحَثكَ خَصَفَه) بالهاء في خصفه للوقف، ومعنى الكلام ستشحذ عليك: أي تَتَكَدَّى، والشحاذ والشحاث: المُتَكَدِّي، وخصفة: اسم امرأة، وما بقي من الحروف مجهورة، وهي قولك: ظِلُّ قَوٍّ رَبَضَ إِذْ غَزَا جُنْدٌ مُطِيع