للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أقول: إذا اجتمع من المتقاربة شيئان: فإن كانا في كلمتين نحو مَنْ مِثْلك فإنه يدغم أحدُهما في الآخر، ولا يُباليَ باللبس لو عرض، لأنهما في معرض الانفكاك، فإذا انفكا يعرف أصل كل واحد منهما، ثم إن تحركا لم يجب الإدغام ولم يتأكد، وإن سكن الأول فقد يجب كالنون في حروف (يرملون) ، وكلام التعريف فيما سنذكر، ولا يجب في غيرهما، بل يتأكد ولا سيما إذا اشتد التقارب، وإن كانا في كلمة: فإن تحركا وألبس الإدغامُ مثالاً بمثال لم يدغم، كما في وَطَدَ (١) : أي أحكم، ووتَدَ: أي ضرب الوَتِد، وكذا في الاسم، نحو وَتِدٍ، وإن لم يُلْبس جاز الإدغام نحو ازَّمَّلَ (٢) فِي تَزَمَّلَ، لأن افَّعَّل - بتضعيف الفاء والعين - ليس من أبنيتهم، بل لا يجئ إلا وقد أُدغم في فائه تاء تَفَعَّلَ كاتَّرَّك وازَّمَّلَ، ومن ثم لا تقول: اقَّطَعَ واضَّرَبَ، وإن كان أولهما ساكناً: فإن ألبس ولم يكن تقاربها كاملا بقى الاول عير مدغم، نحو قِنْوَانٍ (٣) وَصِنْوَانٍ (٤) وبُنْيَانٍ وَقِنْيَةٍ (٥) وبِنْية وكُنْيَة ومُنْيَةٍ وقَنْوَاءَ (٦)


(١) قال في اللسان: " وطد الشئ يطده وطدا وطدة فهو موطود ووطيد: أثبته وثقله، والتوطيد مثله " ومثله في القاموس: ومنه تعلم أن قول ابن الحاجب " وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَقُولُوا: وَطْداً " غير سديد، وكذا دعواه أنه لم يرد الوتد، فقد ذكر صاحبا القاموس واللسان أنه يقال: وتدالوا تديتده وتداوتدة، إذا ثبته، وقد وجه الرضى ما ذكره ابن الحاجب.
بأنه جرى على لغة بعض العرب (٢) تقول: تزمل في ثوبه، وازمل، إذا تلفف.
وفى التنزيل (يأيها المزمل قم الليل إلا قليلا)
(٣) القنوان: جمع قنو، وهو من النخلة بمنزلة العنقود من العنب (٤) صنوان: جمع صنو، وهو الاخ الشقيق.
انظر (ج ٢ ص ٩٣) (٥) القنية - بضم فسكون أو بكسر فسكون - ما يتخذه الانسان من الغنم ونحوها لنفسه لا للتجارة، وانظر (ج ٢ ص ٤٣) (٦) تقول: رجل أقنى الانف، وامرأة قنواء الانف إذا كان أعلى أنفهما مرتفعا ووسطه محدودبا، وهو من علامة الكرم عندهم.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>