١٩٢ - * هُوَ الْجَوَادُ الَّذِي يُعْطِيكَ نَائِلَهُ * عَفْواً (١) قوله " وشاذاً على الشاذ في اصَّبَرَ واضَّرَبَ " عطف على قوله " وجوباً في اطَّلَبَ " يعني يقال: اصَّبَرَ واضَّرَبَ - بصاد وضاد مشددتين - والشذوذ الأول إدغام الصاد الذي هو حرف الصفير في غير الصفير أي الطاء، وكذا إدغام الضاد المعجمة، والشذوذ الثاني قلب الثاني إلى الأول، وقد مر أن الشذوذ الثاني
يدفع مضرة الأول، والأولى أن يقول: إن تاء الافتعال قلبت صاداً أو ضاداً من أول الأمر، وأدغمت الصاد والضاد فيها كما ذكر قبل، إذ لا دليل على قلبه طاء أولاً ثم قلب الطاءِ صاداً أو ضاداً قوله " لامتناع اطبر واطرب " يعني: إنما قلب الثاني إلى الأول لامتناع قلب الأول إلى الثاني، لئلا يذهب الصفير والاستطالة قوله " وقويا في ادكر " بالدال المشددة المهملة قوله " وجاء اذَّكرَ " أي: بالذال المشددة المعجمة اعلم أنه لما كان الإدغام بقلب الثاني إلى الأول على خلاف القياس كان
(١) هذا بيت لزهير بن أبى سلمى المزني، من قصيدة له يمدح فيها هرم ابن سنان المرى، وأولها قوله: قِفْ بِالدِّيَارِ الَّتِي لَمْ يَعْفُها الْقِدَمُ * بَلَى، وَغَيَّرَهَا الأَرْوَاحُ وَالدِّيَمُ والجواد: الكريم، والنائل: العطاء، وقوله " عفوا " معناه سهلا من غير مطل ولا تسويف، وقوله " يظلم أحيانا " معناه أنه يُطلب منه في غير وقت الطلب السائل ما سأله وتكلفه لذلك قبولا للظلم، والاستشهاد بالبيت في قوله " فيظلم " فقد روى بثلاثة أوجه أولها " فيظطلم " باظهار كل من الحرفين، وثانيها " فيظلم " بقلب الطاء المهملة معجمة والادغام، وثالثها " فيطلم " بقلب الظاء المعجمة طاء مهملة والادغام، وحكى ابن جني في سر الصناعة أنه روى بوجه رابع، وهو " فينظلم " بالنون على ينفعل من الظلم، ورواه سيبويه بالادغام على الوجهين (*)