وأحست، والحذف ههنا أولى، لأن الأول - وهو التاء - زائد، قال تعالى (فما اسطاعوا أن يظهروه) وأما من قال يُسْطِيع - بضم حرف المضارعة - فماضيه اسْطَأع بفتح همزة القطع، وهو من باب الإفعال، كما مر في باب ذي الزيادة (١) ، وجاء في كلامهم اسْتَاعَ - بكسر همزة الوصل - يَسْتِيع - بفتح حرف المضارعة، قال سيبويه: إن شئت قلت: حُذِفَت التاء، لأنه في مقام الحرف المدغم، ثم جعل مكان الطاء تاء، ليكون ما بعد السين مهموساً مثلها، كما قالوا ازْدَانَ ليكون ما بعد الزاي مجهوراً مثله، وإن شئت قلت: حذفت الطاء، لأن التكرير منها نشأ، وتركت الزيادة كما تركت في تَقَيْتُ، وأصله اتَّقَيْتُ كما يأتي قوله " وقالوا بَلْعَنْبَر " قد ذكرنا حكمه في أول باب (٢) الإدغام، وإن سيبويه قال: مثل هذا الحذف قياس في كل قبيلة يظهر فيها لام المعرفة في اللفظ بخلاف نحو بني النجار قوله " وأما نحو يَتَسِع ويَتَقِي " قد حذفت التاء الأولى من ثلاث كلمات يَتَّسِع ويَتَّقِي ويَتَّخِذ، فقيل: يَتَسِع ويَتَقِي ويَتَخِذ، وذلك لكثرة الاستعمال، وهو مع هذا شاذ، وتقول في اسم الفاعل: مُتَقٍ، سماعاً، وكذا قياس متَّخِذ ومتَّسِع، ولم يجئْ الحذف في مواضي الثلاثة إلا في ماضي يَتَقِي، يقال: تَقَى، وأصله اتَّقَى، فحذفت الهمزة بسبب حذف الساكن الذي بعدها، ولو كان تَقَى فَعَل كَرَمى لقلت في المضارع يَتْقِي كَيْرمِي، بسكون التاء، وفي الأمر اتْقِ كارْمِ (٣) ، وقال الزجاج: أصل اتَّخذ حذفت التاء منه كما في تَقَى، ولو كان كما قال لما قَيل تَخَذ - بفتح الحاء - بل تخذ يتخذ تخذا كجهل
(١) انظر (ج ٢ ص ٣٨٠) (٢) انظر (ص ٢٤٦، ٢٤٧ من هذا الجزء) (٣) انظر (ج ١ ص ١٥٧) (*)