للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

فحقيقة بعض الناس بين الناس يأكل ويشرب ويروح ويجي ويبيع ويشتري وهو في حكم الأموات، يعني ما يزداد من الله قرب، هذا إذا لم يكن الأموات أفضل منه؛ لأنه يزداد من الله بعد، وبعض الناس وهو ميت في التراب -في القبر- وهو حي بين الناس يفيدهم وينفعهم، بعض الناس يجري عليه عمله مئات السنين، وبعض الناس تكتب عليه أوزار الناس؛ لأنه تسبب فيها مئات السنين، كما قال الله -جل وعلا-: {إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى} [(٤) سورة الليل] ما شاء الله مؤلف هذا الكتاب وغيره من المؤلفين الآن متوفى له ما يقرب من اثنا عشر قرن، وكتابه يتداوله الناس ويقرؤونه ويفيدون منه، مثل مؤلف هذا الكتاب، وغيره من الأئمة، لكن الكتب تتفاوت نفعها، ماذا تتصور للإمام البخاري من الأجور؟ نعم، وبعض الناس يؤلف الكتاب في عشرين مجلدة كبيرة، ومن نعمة الله عليه قبل غيره أن الأرضة كلت الكتاب من أوله إلى آخره ما أبقت ولا ورقة، من نعمت الله عليه قبل غيرة؛ لأن الكتاب فيه طوام، وهو شرح للبخاري، لكن على الإنسان أن يحرص أن ينفع نفسه أولاً، ومن ولاه الله أمانته وجيرانه، وأقاربه، ومعارفه وجماعته، ثم ينتشر علمه بين الناس، ومن دل على هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه.

"وعن جسده فيما أبلاه؟ " جسده فيما أبلاه الجسد ليس ملك لك، تقول: أنا حر، ما أنت بحر، أنت عبد مذلل لله -جل وعلا-، ها الجسد لا بد أن يمتثل هذه العبودية، ولا بد أن يسخر لهذه العبودية، أما تبلي جسدك وتعرض نفسك للمهالك وتقول: أنا حر، أبداً لا تستطيع أن .. ، لو قطعت أصبع من أصابعك حرام عليك، وبهذا يتجه القول بمنع التبرع بالأعضاء؛ لأن الإنسان لا يملك من جسده شيء.

<<  <  ج: ص:  >  >>