الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فالعلم المورث لخشية الله -جل وعلا- من أفضل ما تصرف فيه الأوقات ومن أعظم ما تهدر فيه الأنفاس، فهو أفضل النوافل على الإطلاق؛ فالعلم الشرعي المورث لخشية الله -جل وعلا- جاءت النصوص القطعية من الكتاب والسنة بمدحه، والثناء على أهله، وبيان منزلتهم ومراتبهم في الدنيا والآخرة.
والكتاب المسمى بكتاب العلم لأبي خيثمة زهير بن حرب النسائي شيخ الأئمة، شيخ الأئمة -شيخ البخاري ومسلم وغيرهما- هو مما يحث على طلب العلم، وليس هو من متين العلم الذي يقصده الناس، يتفقهون منه أو يعملون بأحكامه، بل هو آداب ومنارات، وهو أيضاً سياط تسوق المتردد في طلب العلم، وأقوال لسلف هذه الأمة يستنير بها طالب العلم، وتحدوه إلى المزيد من التحصيل وعدم التثاقل وعدم التخاذل، بل تحثه على طلب المزيد من العلم الشرعي المورث للخشية ببيان شيء من أقوال السلف وأفعالهم في هذا الصدد، فهو ليس من متين العلم -كما ذكرنا- بل هو من ملح العلم، وهي أشبه ما تكون بمنارات ودلائل تحدو طالب العلم للاستزادة منه، وإن شئت فقل: هو شبه المشهيات، شبه الكوامغ والجوارش التي يأكلها الناس قبل الطعام؛ لتكون مقدمة للأكل ومشهية ومشجعة عليه.