للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[أولياء أمور الزوجات قد لا يوجدون عند كتابة عقود الأنكحة]

س: برزت في الآونة الأخيرة ظاهرة تبني جماعة أعلنت عن نفسها في إحدى الصحف المحلية عن إدارة مشروع للزواج من متخلفات يقمن بالمملكة بصورة غير مشروعة، ويتم زواجهن بمهور ميسرة جدا لا تتجاوز (١٠٠٠) ريال للثيب و (١٥٠٠) للبكر. من هنا نود من سماحتكم تسليط الضوء على النواحي الشرعية لمثل هذا الزواج ومدى جوازه شرعا. علما أن أولياء أمور الزوجات قد لا يوجدون عند كتابة عقود الأنكحة؟

ج: الحمد لله، الله سبحانه وتعالى خلق بني البشر من جنسين ذكر وأنثى وهو سبحانه من حكمته جعل بين الذكر والأنثى الألفة والمودة والرحمة وغريزة التزاوج لحكمة أرادها الله. {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} (١) ، ويقول سبحانه: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (٢) .

وشرع الله سبحانه لعباده المؤمنين النكاح إحصانا لفروجهم وتكثيرا للأمة ولغير ذلك من المصالح والمنافع التي لا تخفى، وفي شريعة الإسلام السمحاء ضبط أمر الزواج بشروط وضوابط تكفل بتوفيق من الله استمراره وبقاءه وتحقق الفوائد المتوخاة منه، وهي في نفس الوقت شرط لحل عقد النكاح في الإسلام، من ذلك: وجود الولي للمرأة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أيما امرأة نكحت نفسها بغير إذن وليها فنكاحها باطل، باطل، باطل (٣) » وفي الحديث الآخر عنه صلى الله عليه وسلم: «لا نكاح إلا بولي (٤) » وعلى هذا فإن هذا الزواج المنوه عنه في السؤال نكاح باطل لعدم وجود الولي، فيكون بذلك محرما، ثم أيضا إن ولي الأمر قد وضع للناس ضوابط وتعليمات تحقق للناس المصلحة العامة وتدفع عنهم مفاسد وأضرارا قد لا يدركها آحاد الناس ومن ذلك ما كان من تنظيم أمر الزواج من الخارج، ثم أيضا قاموا بتنظيم أمر الإقامة في داخل البلد، ومخالفة هذا التنظيم أمر محرم، ثم أيضا إن مقصود الشارع من الزواج الاستقرار وتحصيل الأبناء، ومثل هذا العمل قد يؤدي إلى ضياع الأبناء والاضطرار إلى الانفصال ونحو ذلك من الأمور المنافية لمقصود الشارع.

إذن هذا الزواج محرم، وباطل من وجوه:

١ - عدم وجود الولي.

٢ - عصيان ولي الأمر بمخالفة الأنظمة التي وضعها لتحقيق مصالح عامة.

٣ - في هذا العقد مخالفة لمقصود الشارع من الزواج وهو السكن والاستقرار وتحصيل الأبناء، إذ هذا الأمر إن لم يكن متعذرا في هذا النوع من الزواج فهو متعسر جدا كما يعلم ذلك من له بصيرة في هذه الأمور.

فالواجب تقوى الله، والحرص على اتباع الطرق الشرعية، والحذر من هذه المسالك المضرة على دين المرء ودنياه.


(١) سورة النساء الآية ١
(٢) سورة الروم الآية ٢١
(٣) سنن الترمذي النكاح (١١٠٢) ، سنن أبو داود النكاح (٢٠٨٣) ، سنن ابن ماجه النكاح (١٨٧٩) ، مسند أحمد بن حنبل (٦/٤٧) ، سنن الدارمي النكاح (٢١٨٤) .
(٤) سنن الترمذي النكاح (١١٠١) ، سنن أبو داود النكاح (٢٠٨٥) ، سنن ابن ماجه النكاح (١٨٨١) ، مسند أحمد بن حنبل (٤/٤١٨) ، سنن الدارمي النكاح (٢١٨٢) .

<<  <   >  >>