للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والمقصود أن صلاة التراويح جماعة في رمضان حول الكعبة أمر معهود منذ زمن قديم، ومن تتبع تواريخ مكة وكتب التراجم والرحلات علم ذلك واجتمع له عدة ممن أموا الناس في قيام رمضان بالمسجد الحرام.

أما ما ذكره الكاتب من أن المسجد الحرام يشمل حدود الحرم جميعها فهذا حق ونحن نقول به، ونقول بأن التضعيف الوارد في الحديث يشمل جميع الحرم بدلالة قول الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا} (١) ولكن هذا لا يبرر إيقاف صلاة التراويح في الحرم ومنع المصلين من صلاة القيام في الحرم.

وقبل أن أختم هذا البيان والإيضاح أحب التنبيه إلى أمر مهم وهو قول الكاتب: (وأن صلاة التهجد لم تصل في جماعة بالمسجد الحرام، والمسجد النبوي الشريف إلا في العهد السعودي) .

والمقصود بصلاة التهجد في هذا السياق هو صلاة القيام في جماعة في رمضان، وتصلى آخر الليل بعد أن يصلي الناس أول الليل شيئا من التراويح، ثم ينصرفوا للراحة أو العشاء ليتقووا على صلاة الليل، وهذا في العشر الأواخر.

والأصل في ذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يجتهد في العشر الأخير من رمضان، تقول عائشة رضي الله عنها: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل العشر أحيا الليل وأيقظ أهله وجد وشد المئزر (٢) » أخرجه مسلم.

فالعشر الأخير من رمضان لها مزيد فضل على غيرها من الليالي لفضلها، ولأن ليلة القدر فيها فالاجتهاد فيها مطلوب.

وأما دعوى أن العهد السعودي هو الذي بدأ بذلك فهذا باطل، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كما مر معنا في أول هذا الإيضاح قد صلى بالناس في العشر الأخير أربع ليال كان آخرها إلى قريب الفجر حتى خشوا فوات الفلاح وهو السحور. فهذا هو الأصل.


(١) سورة التوبة الآية ٢٨
(٢) البخاري صلاة التراويح (١٩٢٠) ، مسلم الاعتكاف (١١٧٤) ، الترمذي الصوم (٧٩٦) ، النسائي قيام الليل وتطوع النهار (١٦٣٩) ، أبو داود الصلاة (١٣٧٦) ، ابن ماجه الصيام (١٧٦٨) ، أحمد (٦/٦٨) .

<<  <   >  >>