للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إخوة الإسلام، فإن الله سبحانه قد شرع لنا دين الإسلام ومن علينا بأن أكمله وأتمه ورضيه لنا دينا، وما توفي النبي صلى الله عليه وسلم، إلا وقد بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وجاهد في الله حق الجهاد، فجزاه الله عنا خير ما جزى نبيا عن أمته، وقد تلقى هذا الدين والعلم عنه أصحابه رضي الله عنهم، فبلغوه كما سمعوه وأدوا أمانته فرضي الله عنهم وأرضاهم، وهكذا من بعدهم إلى أن وصل إلينا محفوظا مبينا، وكان الناس في تلقي هذا العلم والنور على درجات، أكملها من فقه في دين الله ونفعه ما بعث الله به نبيه صلى الله عليه وسلم، وأخسرهم صفقة من لم يرفع به رأسا، فعن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل الغيث الكثير أصاب أرضا فكان منها نقية قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير، وكانت منها أجادب أمسكت الماء فنفع الله بها الناس فشربوا وسقوا وزرعوا، وأصابت منها طائفة أخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ، فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه ما بعثني الله به فعلم وعلم ومثل من لم يرفع بذلك رأسا ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به (١) » أخرجه الشيخان واللفظ للبخاري.

فظهر من هذا الحديث أن أفضل خلق الله هو: من فقه في دين الله ونفعه الله بما بعث به نبيه صلى الله عليه وسلم من الهدى ودين الحق، وهو مع ذلك علم العلم ثم علمه فانتفع به في نفسه ونفع به غيره من خلق الله، وهذا دأب العلماء الربانيين الصالحين المصلحين - نظمنا الله في سلكهم وهدانا لسلوك طريقهم وجادتهم -.


(١) صحيح البخاري العلم (٧٩) ، صحيح مسلم الفضائل (٢٢٨٢) ، مسند أحمد بن حنبل (٤/٣٩٩) .

<<  <   >  >>