للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هذا هو المعنى العام للفعالية، وشرطها الأول: هو الذي يحدد موقف الإنسان إزاءها بصفته صانعا للتاريخ ومحركا له.

غير أننا إذا راجعنا الآن على ضوء هذه الملاحظة الفترة الطويلة التي قضيناها في معركتنا مع الإستعمار منذ قرن مثلاً، وجدنا أننا قد أضعنا وقتاً طويلا، إذ لم نضع مشكلاتنا خلال هذه الفترة بمنطق الفعالية.

فنحن لو تأملنا في حقيقة الكلمة نفسها، كلمة استعمار التي جعلناها عنواناً لصراعنا منذ ما يزيد عن نصف قرن، نرى أن الشعوب العربية الإسلامية قد تصارعت مع الإستعمار صراع الأبطال لتتخلص منه، ولكنها كانت في الواقع تتصارع مع ظل وليس مع واقع بالمعنى الصحيح، كنا نتصارع مع وهم من الأوهام ومع شبح من الأشباح لا مع حقيقة. والصراع مع الأشباح ينهك القوة، والنصر فيه قليل الجدوى أو عديمها، لأن فيه شيئا من الخيال الذي كان يحيط بالصراع. هذا ما تكشف عنه النظرة الفاحصة في معنى الإستعمار. وقد كان علينا أن نفعل ذلك منذ عهد بعيد، حتى ينجلي عن صراعنا الغبار سواء في المستوى السياسي أو الاجتماعي.

واسمحوا لي أن أبسط الموضوع ببعض صور توضح لنا معنى الإستعمار وحقيقته، وتقفنا على خطئنا في فهمه بوصفه حدثاً من أحداث التاريخ، مما أدى بنا إلى البذل في صراعه بالجهود الكبيرة، من أجل نتائج غالباً ما تكون هزيلة ناقصة، كتلك التي نراها اليوم من خلال الوضع السياسي في بعض البلاد التي حصلت على استقلالها أخيراً.

أما الصور فثلاث؛ أولاها: تعرض لنا صورة طفل صغير وجَمَل قوي كبير. فمن الطبيعي أن نرى الصبي على الرغم من حداثة سنه يسيطر على الجمل القوي، يقوده كيفما شاء يميناً ويساراً بعصاه أو بدون عصا. فلو أننا وضعنا هذه الصورة في مجال تأملنا، فلسوف نرى في الواقع حيوانا ضعيفاً يتصرف في حركات

<<  <   >  >>