للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وسكنات حيوان أقوى منه، وإذا تساءلنا عن هذه الظاهرة الغريبة فالجواب بديهي معلوم، إن الجمل القوي يفقد بطبيعته، ومن فضل الله علينا نحن الآدميين، شيئاً بسيطاً هو الإرادة.

أما الصبي فإنه قوي بالإرادة التي يمتاز بها جنسه على جنس الجمال. وهذا واضح تمام الوضوح، وتشعرون أن الحديث فيه ضرب من تحصيل الحاصل ولكننا سنجد أنه مفيد فيما بعد.

أما ثانيتها: فإنها ترينا الطفل نفسه الذي كان يتصرف مع الجمل تصرف السيد مع مسوده، يتصرف هذه المرة مع حيوان من جنسه جنس الآدميين، وهو رجل أكبر منه سنا وأقوى عضلا، ولكنه لا يتمتع بقواه العقلية فهو مجنون أو معتوه. فإن الطفل سوف يتصرف معه كما كان يتصرف مع الجمل، من أمره بالقيام أو القعود أو السير أو الوقوف. والرجل يمتثل للصبي في هذا كله، وما ذلك إلا لتمتع الصغير بإرادته مع خلو الكبير منها بحكم فرضنا.

أما ثالثة الصور: فإنها الشعب الهندي مثلا والشعب الإنكليزي في القرن التاسع عشر. فإن تعداد الأول بالنسبة للثاني، يمثل قوة الرجل الضخم فاقد الإرادة والجَمَل في صورتينا السابقتين، بالنسبة إلى ضعف الصغير الجسمي في كلتا الصورتين، فنرى أن الشعب الإنكليزي الذي تفصل بينه وبين الشعب الهندي الابعاد- إذا استعملنا اصطلاح الصورتين السابقتين- نرى بالاحرى الطفل الإنكليزي، على الرغم من حداثة سنه يتصرف في الرجل الهندي على الرغم من قوة جسمه. إذ أن إنكلترا قد كونت جهازها الصناعي خلال القرن التاسع عشر باحتلالها للهند. كما أن الطفل الهولندي- إذا اعتبرنا ستة الملايين من سكان هولندا كأنها طفل صغير لم يتجاوز السنين الست من عمره يتصرف في الثروة التي حص الله بها البلاد الإندونيسية دون غيرها فصنعت بها بلادها ومدت فيها شبكة الخطوط الحديدية الخ ...

<<  <   >  >>