الأساسي للحياة الثقافية فحسب، ولكنها تدل أيضا على أنه ليس هناك لدى الشخصيات التي حاولتُ الاتصال بها أي اهتمام بالموضوع. هذا هو معنى تجريبي في حقل الثقافة، ومن هنا كان اقترانها بالسؤال الذي صدرت به الحديث أمراً ضرورياً.
ولكن هذا الجانب السلبي ليس بالجانب الوحيد الذي يجعلني أقف أمام القضية موقفا خاصاً. بل هناك أشياء أخرى تستدعيها ذاكرتي، كلما حاولت الخوض في مشكلة الثقافة. هناك صورة أخرى تعبر أيضاً عن جانب سلبي، وهي صورة أخذت هذه المرة من الحياة العأمة. فإن ذاكرتي إذ تمتد في هذا الحقل إلى أكثر من ربع قرن، فإنها بذلك تتضمن تجربة لا بأس بها. فلقد شاهدت خلال بعض المواقف السياسية في الجزائر جيلاً من السياسيين، يقفون من قضية مهمة بالنسبة للشعب الجزائري، وهي قضية الأمية، يقفون منها موقفاً جديرا بالملاحظة. فقد كتب هؤلاء السياسيون المقالات الطويلة لشرح هذا المرض الاجتماعي الخطير، موضحين نتائجه المنكرة في حياة الفرد، بما يضربون من الامثال المدعمة بالأرقام. وهم في هذا كله يهاجمون الإستعمار في خطب ملتهبة بالحماسة متقدة بالوطنية، لأنه يُجرم في حق الشعب الجزائري، إذ يتركه إلى جهله. وهكذا يستمرون في خطبهم ومقالاتهم حتى تنقطع أنفاسهم عن الكلام، ولا يبقى تحت أيديهم ورق يكتبون عليه.
وتمر الأعوام تلو الأعوام، والمشكلة لا تجد في مجهوداتهم حلها، وإنما تستفحل
في التعقيد، ذلك أنهم لم يدخلوا إلى المشكلة من طريق حلها.
ولقد استطاعت الحرب العالمية الثانية، أن تعطينا مثلاً للموازنة مما يوضح خطأ موقفنا السلبي أمام القضية. فقد كان من أول نتائج هذه الحرب، أنها قد غيرت الوضع السياسي بالنسبة ليهود الجزائر، على أثر سقوط المجهورية الثالثة