نفقد وسائل الرقابة، وليست بين أيدينا المقاييس لتقدير النتيجة تقديراً صحيحا. قد نكون مثلاً مهتمين بقضية (الأمية) وهي تمس في الصميم قضية النهضة بوصفها عملية اجتماعية تتضمن الطاقات الفكرية مع الطاقات الأخرى، ومن الطبيعي أن نفكر في الجهل بوصفه مشكلة أساسية لا بد من حلها، ولكننا في الواقع قلما نفكر فيها تفكيرا جذرياً. فكثيراً ما نؤتي المشكلة الحلول التي اعتدناها في عاداتنا الفكرية، مع بعض الطقوس الاجتماعية التي لا تخلو من الرياء، فنقرر طبقاً لعاداتنا أن (العلم) هو العلاج النافع، ونميل أيضاً إلى هذا النوع هن العلاج بمقتضى الطقوس الاجتماعية القائمة في البلاد، بينما النتيجة أحيانا دون ما نريد، وأحياناً خلاف ما نريد، عندما نرى النتيجة في إحدى صورتيها: إما في صورة العالم الذي لا ينفع المجتع إلا قليلا، أو في صورة العالم الذي يضر المجتمع أحيانا بعلمه، لأن أساسه الخلقي لم يتكون، ولم نفكر في تكوينه مقتنعين بشكلية الأشياء دون اهتمام جدي بحقيقتها، وبصلتها بضرورات الداخل وضرورات الخارج .. وربما تزيد الحالة سوءاً، حين تتدخل الطقوس الاجتماعية في تشخيص المشاكل، فإن العلم يصبح إذن صنفاً من الرياء، وسبباً للتنافس بين الأسر البشرية، فيفقد بهذا كل فعاليته الاجتماعية، لأننا لم نفكر فيه على أساس اجتماعي نفسي وإنما على أساس مدرسي وجامعي .. فنكيف التعليم ليكون عملية تهدف أساساً إلى إضافة المعلومات بعضها إلى بعض، لا ليكون عملية تصفية نفسية في مستوى الفرد وفي مستوى المجتمع، أي بوصفه صياغة للإنسان صياغة جديدة، تتواءم مع ضرورات الداخل وضرورات الخارج، أي مع القانون العام الذي يفرض في الداخل سرعة السير وفي الخارج وحدة المصير، ولا نشعر بالخطأ في المنهاج القائم على مبدأ إضافة المعلومات، أو إذا سمح لي بهذا التعبير- تكديس المعلومات- لأننا لا نقدر تطورنا بالمقياس الذي يصوغه السير العام في العالم، وإنما نقدره بمقياس نسبي تصوغه ظروفنا الخاصة.