هذه الحالة في نواح شتى، حتى في الفن المسرحي، إذ يقع أحياناً هذا الفرد في حالة خاصة، هي التوتر المرضي الذي هو عكس التوتر الحيوي الدافع إلى مهام الحياة بقوة. فالتوتر المرضي يدفع الفرد الذي فقد مسوّغات وجوده إلى الأنتحار أحياناً. ولقد يبدو هذا مثلاً في الحالات الغرامية التي يتناولها الفن المسرحي أو القصصي، ولكن إذا أردنا أن نفهم التوتر السلبي هذا بصورة واقعية، فإننا نراها في حالة فرد ينتحر فعلاً، لأنه لا يستطيع أن يحتمل حياة فقدت مسوّغاتها، وقد نراها في سياق ظروف خاصة تحيط بأسرة أو فرد أو في سياق أحداث عأمة تغير مجرى حياة مجتمع. وهكذا يكون تأثيرها في بعض الأفراد أشد عمقاً لأنهم يشعرون خلال هذه الأحداث أنهم فقدوا مسوّغات الحياة.
لقد خلقت الحرب العالمية الثانية في أوربا أحداثاً مماثلة، وانتحار وزير الدعاية جورنج مع كل أسرته يعبر بصورة مؤثرة عن هذا المظهر.
وفي سنة ألف ميلادية أيضاً سادت أوربا حالة (فقدان المسوّغات)، لأن الناس اعتقدوا أنها سنة الفناء والقيأمة فحدثت بسبب هذه التوقعات حوادث انتحار كثيرة.
هذه صورة القضية بالنسبة إلى الأفراد، أما بالنسبة إلى المجتمعات، فإن فقدان المسوّغات يؤدي إلى تغيرات تاريخية عميقة، نجد نموذجها في صورتين.
إن العالم الإسلامي عندما قدم للإنسانية الحديثة نتاجه العقلي من علوم وتشريع يمثل خطوة جديدة في تطور القانون، الخطوة التي وضعت علم الاصول. وعندما قام بالدور الحضاري الذي وصل بين الحضارات العتيقة وحضارة عصرنا، إنما كان مندفعاً بالمسوغات التي أتى بها الإسلام ووضعها في حياته، وكانت في حالة توتر خلاق، التوتر الذي يصنع المعجزات؛ إنما الدوافع السلبية التي خلفتها (صِفّين) في المجتمع الإسلامي، تنمو فيه يوماً فيوماً، إلى أن