والبلاد الإسلامية تواجه مشكلة البناء الإقتصادي، وهي في هذه الحالة
لا تدرس فقط الموضوع، بل أصبحت هي ذاتها موضوع الدراسة، كما تدل على هذا بعض العناوين التي ظهرت أخيراً في المكتبات الاجنبية مثل كتاب (الإسلام أمام التطور الإقتصادي) للكاتب الفرنيسي (جاك اوستري). فالمشكلة إذن مشكلتنا نحن معشر الشعوب التي تعيش حول محور طنجة جاكرتا عأمة، والشعوب الإسلامية خاصة.
ولا يمكن حل هذه المشكلة إلا على أساس التفكير الاجتماعي الجاد، لأنها مشكلة اجتماعية في صميمها.
ويجب أن نلاحظ، أن تيار التفكير الاجتماعي الحديث له مدارس متعددة، ومناهج أحياناً متباعدة، ولكن لا يخلو في هذه الظروف كلها من أن يكون مركز هذا التفكير الإقتصاد، ولابن خلدون قصب السبق في الموضوع فقد فطن إلى هذه الظاهرة، فكان أول من رأى أهمية العامل الإقتصادي في الواقع الاجتماعي، وكأنه بذلك يحدد مركز تفكير جديد. أي المركز الذي سيأخذ في المدرسة الماركسية قيمة نادرة تستقطب الأفكار حول فكرة الإقتصاد. فالعالم الإسلامي يكتشف اليوم قيمة العامل الإقتصادي في ضروراته الحيوية، ليس فحسب فيما يتعلق بحياته المادية في المستوى القومي، بل فيما يتعلق بمقتضيات السياسة في المستوى الدولي أيضاً، لأن الإقتصاد أصبح يشارك الديبلوماسية في تحديد مكانة بلد ما في العالم.
على أن العالم الإسلامي لا يملك نظرة أو نظرية خاصة في الإقتصاد تتواءم
مع ضروراته ومع إمكانياته في وقت معاً. فتراه يندفع في مشروع إقتصادي يخططه إقتصاد أجنبي، على أسس أتقنتها تجربة في بلد مصنع، أي بلد لا يخضع فيه النشاط لعوامل التخلف، وهكذا يخفق المشروع في النهاية. ونحن نستحي أن نذكر عدد المشاريع الإقتصادية التي أخفقت في البلاد الإسلامية.