اسمحوا لي أن أشكر أولا وزارة الثقافة والإرشاد القومي، لأنها تتيح لي أن أتحدث إليكم، وأريد أن أشكر خاصة السيد الوزير الذي وضع هذا الحديث تحت إشرافه وشرفه بحضوره الشخصي، بعد أن اختار هو نفسه أن يكون موضوعه في (التضامن الإفريقي الآسيوي)، معبرا بذلك عن القيمة التي يعطيها رجل الدولة مثله، إلى هذا التضامن بوصفه مركزا من أهم مراكز استقطاب القوات السياسية في العالم اليوم.
وإنني لأشكر أيضاً حضراتكم شكرا شرفتموني معه بحضوركم. ولا شك أن موضوع حديثنا اليوم، يكون في نطاق الصراع الفكري حلقة مهمة من حلقات هذه المعركة، إلا أن جدة موضوع كهذا يحفه، في النظرة الأولى إليه، شيء من الغموض نود توضيحه بقدر الإمكان في هذا الحديث، حتى يتيسر للشباب العربي أن يدرك محتواه الاجتماعي والفكري، أي أن يدرك (التضامن الإفريقي الآسيوي) تعبيرا عن واقع إنساني، هو واقع الشعوب الإفريقية الآسيوية اليوم، ومفهوماً يحاول منذ مؤتمر باندونج، الدخول في عالم المفاهيم.
إن العواصف الجوية والأعاصير تجر معها غالبا سيولاً هائلة من الماء، سيولاً تترك وراءها في البلد الذي تجتاحه الخراب والموت، ولكنها تترك أيضاً على وجه الأديم طمياً تتجدد به الحياة في هذا البلد، فتنشط وتنمو فيه الطبيعة الجديدة بأنواع النبات والحيوان المتجدد.
فكذلك شأن الأحداث الكبرى في التاريخ: إنها تجر وراءها الموت والخراب، وتخلف طميا مخصبا، طميا من دماء الشهداء والابطال، ولكنها