للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بهِ" (١) قال شيخ الإسلام: لكن الصحابة اختلفوا كيف يقتل الفاعل والمفعول به؟

فقيل: يحرقان بالنار، وروي هذا عن أبي بكر رضي الله عنه وذلك لشناعة عملهما، فيعاقبان بأشنع عقوبة وهو التحريق بالنار، ولأن تحريقهما بالنار أشد ردعاً لغيرهما.

وقال بعضهم: يرجمان كما يرجم الثيب الزاني

وقال آخرون: يصعد بهما إلى أعلى شاهق في البلد ثم يرميان ويتبعان بالحجارة بناء على أن قوم لوط فعل الله تعالى بهم هكذا.

وأهم شيء عندنا أنه لابد من قتل الفاعل والمفعول به على كل حال إذا كانا بالغين عاقلين، لأن هذا مرض فتّاك لايمكن التحرّز منه، فأنت مثلاً لو رأيت رجلاً مع امرأة واستنكرت ذلك فممكن أن تقول: من هذه المرأة؟ لكن رجل مع رجل لايمكن، فكل الرجال يمشي بعضهم مع بعض.

إذاً الثيب الزاني دمه حلال، ولكن إذا كان دمه حلالاً فهل لكل واحد أن يقيم عليه الحد؟

فالجواب: لا، ليس لأحد أن يقيم عليه الحد إلا الإمام أو من ينيبه الإمام، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "أُغْدُ يَا أَنِيْسُ إِلَى امْرأةِ هَذَا فَإِنْ اعْتَرَفَتْ فَارجُمْهَا" (٢) ولو قلنا لكل إنسان أن يقتل هذا الزاني لأن دمه هدر لحصل من الفوضى والشر ما لايعلمه إلا الله عزّ وجل، ولهذا قال العلماء: لاتجوز إقامة الحدود ولا التعزيرات إلا للإمام أو نائبه.


(١) - أخرجه الإمام أحمد - مسند آل العباس عن عبد الله بن العباس، ج١/ ص ٣٠٠ حديث (٢٧٣٢) ، وأبو داود- كتاب: الحدود، باب: فيمن عمل عمل قوم لوط، (٤٤٦٢) ، والترمذي - كتاب: الحدود، باب: ما جاء في حد اللوطي، (١٤٥٦) وابن ماجه - كتاب: الحدود، باب: من عمل عمل قوم لوط، (٢٥٦١)
(٢) سبق تخريجه صفحة (١٦٩)

<<  <   >  >>