للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الجواب: لا، إذا خاف في ذلك فتنة فلا يغير، لأن المفاسد يدرأ أعلاها بأدناها، كما لو كان يرى منكراً يحصل من بعض الأمراء، ويعلم أنه لو غير بيده استطاع، لكنه يحصل بذلك فتنة: إما عليه هو، وإما على أهله، وإما على قرنائه ممن يشاركونه في الدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فهنا نقول: إذا خفت فتنة فلا تغير، لقوله تعالى: (وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ) (الأنعام: الآية١٠٨)

. ٤أن اليد هي آلة الفعل، لقوله: "فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ" لأن الغالب أن الأعمال باليد، ولذلك تضاف الأعمال إلى الأيدي في كثير من النصوص، مثل قوله: (فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ) (الشورى: الآية٣٠) والمراد: بما كسبتم بأيديكم أو أرجلكم أو أعينكم أو آذانكم.

. ٥أنه ليس في الدين من حرج، وأن الوجوب مشروط بالاستطاعة، لقوله: (فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ وهذه قاعدة عامة في الشريعة، قال الله تعالى: (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) (التغابن: الآية١٦) وقال عزّ وجل: (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا) (البقرة: الآية٢٨٦) وقال النبي صلى الله عليه وسلم "مَا نَهَيتُكُم عَنهُ فَاجتَنِبوهُ، وَمَا أَمَرتُكُم بِهِ فَأتوا مِنهُ مَا استَطَعتُم" (١) وهذا داخل في الإطار العام أن الدين يسر.

. ٦أن الإنسان إذا لم يستطع أن يغير باليد ولا باللسان فليغير بالقلب، وذلك بكراهة المنكر وعزيمته على أنه متى قدر على إنكاره بلسانه أو يده فعل.

فإن قال قائل: هل يكفي في إنكار القلب أن يجلس الإنسان إلى أهل المنكر ويقول: أنا كاره بقلبي؟

فالجواب: لا، لأنه لو صدق أنه كاره بقلبه ما بقي معهم ولفارقهم إلا إذا أكرهوه، فحينئذ يكون معذوراً.


(١) أخرجه مسلم - كتاب: الحج، باب: فرض الحج مرة في العمر، (١٣٣٧) ، (٤١٢) .

<<  <   >  >>