للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

له: يا شيخ نريد وعداً، فقال: هذه السنة لا يمكن أن أواعدك فيها، فظن المتكلم أنها اثنا عشر شهراً، فغضب، ولما رآه الشيخ غضب فقال له: لم يبق في السنة إلا عشرة أيام أو نحوها، فاقتنع الرجل، فمثل هذا لا بأس به أحياناً لا سيما إذا أخبر صاحبه..

١٥تحريم احتقار المسلم مهما بلغ في الفقر وفي الجهل، فلا تحتقره، قال النبي صلى الله عليه وسلم "رُبَّ أَشعَثَ أَغبَرَ مَدفوعٌ بالأَبوابِ لَو أَقسَمَ عَلَى اللهِ لأَبرَّهُ " (١) .

أشعث أغبر لا يستطيع أن ينظف نفسه، مدفوع بالأبواب لا يُفتح له، وإذا فتح له أحد عرف أنه فلان رد الباب عليه، فدفعه بالباب، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لَو أَقسَمَ عَلَى اللهِ لأَبرَّهُ" فكيف تحتقر أخاك المسلم؟!.

ولعل يوماً من الدهر يكون أعلى منك، ولهذا قال الشاعر الجاهلي:

لا تهين الفقير علك أن تر ... كع يوماً والدهر قد رفعه

تركع يوماً: أي تذل، وهذا أمر مشاهد، كم من أناس كانوا فقراء في أول حياتهم لا يؤبه لهم فصاروا قادة وصاروا أغنياء.

إذاً لا تحقر أخاك المسلم، حتى لو سألته عن مسألة كلٌّ يفهمها وهو لم يفهمها لا تحتقره، فلعل الله يفتح عليه ويتعلم من العلم ما يكون به أعلم منك.

. ١٦أن التقوى محلها القلب، لقوله: "التَّقوَى هَاهُنَا، وَأَشَارَ إِلَى صَدرِهِ" يعني في قلبه.

. ١٧أن الفعل قد يؤثر أكثر من القول في المخاطبات، لأن النبي صلى الله عليه وسلم بإمكانه أن يقول: التقوى في القلب، لكنه قال: التقوى هاهنا وأشار إلى صدره، لأن المخاطب يتصور هذه الصورة ويتخيلها في ذهنه، وقد مر علينا أمثلة من هذا من الصحابة وغيرهم.


(١) أخرجه مسلم - كتاب: البر والصلة والآداب، باب: فضل الضعفاء والخاملين، (٢٦٢٢) ، (١٣٨) .

<<  <   >  >>