للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الله لما خلق القلم قال له: اِكْتُبْ، قَالَ رَبِّ: وَمَاذَا أَكْتُبُ؟ قَالَ: اكتُبْ مَاهُوَ كَائِنٌ، فَجَرَى فِيْ تِلْكَ السَّاعةِ بِمَاهُوَ كَائِنٌ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ (١) فأمر الله القلم أن يكتب؛ ولكن كيف يوجه الخطاب إلى الجماد؟

الجواب عن ذلك: نعم، من الله يصح لأنه هو الذي ينطق الجماد ثم إن الجماد، بالنسبة إلى الله عاقل يصحّ أن يوجه إليه الخطاب، قال تعالى: (ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ) (فصلت: ١١) فوجّه الخطاب إليهما، وذكر جوابهما وكان الجواب لجمع العقلاء (طائعين) دون طائعات. والحاصل أن الله أمر القلم أن يكتب، وقد امتثل القلم، لكنه أشكل عليه ماذا يكتب، فقال: ربي وماذا أكتب؟

قال: اكتب ماهو كائن إلى يوم القيامة، فجرى في تلك اللحظة بما هو كائن إلى يوم القيامة - سبحان الله - من يحصي الحوادث والوقائع إلا الله عزّ وجل، وهذا اللوح المحفوظ مشتمل عليها.

- واللوح المحفوظ لانعرف ماهيته، من أيّ شيء؛ أمن الخشب، أم من حديد، ولانعرف حجم هذا اللوح ولاسعته، فالله أعلم بذلك والواجب أن نؤمن بأن هناك لوحاً كتب الله فيه مقادير كل شيء، وليس لنا الحق أن نبحث وراء ذلك.

وقد ظهر في الآونة الأخيرة ما يسمّى بأقراص الليزر يتسع القرص الصغير إلى كتب كثيرة، وهو من صنع الآدمي، وأقول هذا تقريباً لا تشبيهاً، لأن اللوح المحفوظ أعظم من أن نحيط به.

ثالثاً: أن تؤمن بأن كل ما حدث في الكون فهو بمشيئة الله تعالى، فلا يخرج شيء عن مشيئته أبداً. ولهذا أجمع المسلمون على هذه الكلمة: ماشاء الله كان وما لم يشأ لم يكن،


(١) - أخرجه الإمام أحمد- في مسند الأنصار عن عبادة بن الصامت، ج٥/ص٣١٧، (٢٣٠٨٣) ، وأبو داود- كتاب: السنة، باب: في القدر، (٤٧٠٠) ، الترمذي- كتاب: القدر، (٢١٥٥)

<<  <   >  >>