سواء في مجال العلم، أو -كما سنرى- في المجال النفسي، أو في المجال الأخلاقي والديني. ففي كل هذه المجالات هبت عواصف كبرى يبدو أنها غيرت معالم الطريق. وعلى أية حال فهي قد غيرت ملامح الزمن والمجتمعات الإنسانية. هذه التغيرات تحققت من خلال أحداث كبرى، خاصة منها الحربين العالميتين اللتين هزتا العالم مرتين في ظرف أربعين سنة، وشملتا للمرة الأولى في التاريخ سائر أنحائه. ولوقع هذه الأحداث نتائج لا مناص منها، بعضها دخل سجل التاريخ وتسجل في حافظة الإنسانية وفي كتبها، وبعضها دخل عالم النفوس، سواء استطعنا قراءته أم لم نستطع،. وبعضها لازال توقعات في ضمير الغيب نرى من خلالها أحداثاً كبرى مطلة على زماننا.
فهذه الأسباب تجعلنا نرى في هذا الثلث الأخير من
القرن العشرين، كأنه النهر قرب شاطئ البحر وقد بلغ المصب، بعد أن تجمعت فيه جميع روافده من المياه، التي انحدرت من أعالي الجبال في أقصى داخل البلاد. فالثلث الأخير يبدو هكذا تلك الفترة من التاريخ التي