أخفقت محاولة التعويض السياسي، لتنظيم وبناء جديد لحياة أوريية متحضرة بعد تصفية الاستعمار، فيجب أن نضيف إلى هذا أن عمليات التعويض التي نجحت، إنما نجحت على حساب المسوغات الأساسية التقليدية التاريخية أي على حساب المسيحية. فالشيوعية ظهرت نتيجة لعملية تعويض لمسوغات مفقودة.
يتبين إذن أن خطي السير والأحداث التي تجري عليهما، كأنما تقود مصير الإنسانية نحو قطب يتحقق فيه معنى الآية التي ذكرناها:{هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ}[الصف: ٩/ ٦١].
إن هذا ما يجعلنا نعيد النظر في موقف المسلم في هذا الثلث الأخير، إذ الآن يبدأ دور المسلم أمام هذه الظاهرة، حتى لكأنما أراد الله عز وجل تعطيل وتأجيل دور المسلم في هذا القرن حتى تنتهي كل تجارب الآخرين بالفشل، ويستطيع إصلاح أخطائهم، أو حتى تصل تجاربه إلى نهاية فشلها فتكون له الخبرة لتدارك أخطائه.