الحمد لله المعبود وحده، واشهد أن لا إله غيره وأن محمد رسوله وعبده، بلغ الرساله وأدى الأمانة، نزل على قلبه الروح الأمين بكلام الله العليم الحكيم فكان هدى الله لعباده في الأرض وكان معجزة نبيه الخالدة في الدنيا إلى يوم القيامة،
أما بعد كان من ابرز سمات القرآن وآياته التي جعلها الله تعالى من حكمته وبعلمه أن أوجد سبحانه في هذا الكتاب ناسخا وفيه منسوخا والحكمة منه أن البشر بطبائعهم وخاصة كلما تقارب الزمان ودنت الساعة ضعفاء لهم طاقة محدودو وأن الله تعلى أراد أن يرحم أمة نبيه محمد عليه الصلاة والسلام فأنزل شريعة خالدة متكيفة مع طالقات البشر على اخاتلاف قدراتهم فشرع سبحانه ثم ابتلى وخصص أو قيد أو نسخ جزئيا أو كليا حتى تبقى لنا شريعة محكمة تامة قال تعالى * (اليوم اكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الأسلام دينا) * [٣ مدنية / المائدة / ٥] ، لقد نبغ في فن الناسخ والمنسوخ أئمة وحفاظ من قديم جمعوا وصنفوا ودونوا ولكن كان أكثر علومهم في مجال السنة وعلم الحديث مثل الحازمي وغيره، غير أن الله تعالى قيض لكتابه من نبغ في كشف أسراره والتفنن في علومه وكان منهم الامام أبو عبد الله محمد بن حزم إذ ألف في ناسخ القرآن ومنسوخه هذا الكتاب القيم الجامع فيه كل آي القرآن دراسة وتفصيلا وستقراءا ولقد اشتمل منهجه على تفسير الناسخ من القرآن والمنسوخ منه وبيان تاريخ النسخ مركزا على التوقيت المكي والمدني كأصل وقد أجاد وأصاب إذ جعل