للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لَيَسْقِينِي الشَّرْبَةَ مِنَ الْمَاءِ فَيَدُقُّ بِهَا ضِلْعًا مِنْ أَضْلاعِي»

- وَأَنْشَدُوا:

لَبُوسُ ثَوْبَيْنِ بَالِيَيْنِ ... وَطَيُّ يَوْمٍ وَلَيْلَتَيْنِ

أَهْوَنُ مِنْ مِنَّةٍ لِقَوْمٍ ... أَغُضُّ مِنْهَا جُفُونَ عَيْنِي

وَإِنِّي وَإِنْ كُنْتُ ذَا عِيَالٍ ... قَلِيلَ مَالٍ كَثِيرَ دَيْنِ

لَمُسْتَعِفٌّ بِرِزْقِ رَبِّي ... حَوَائِجِي بَيْنَهُ وَبَيْنِي

نَقْلُ الصُّخُورِ مِنَ الْجِبَالِ أَخَفُّ مِنَ السُّؤَالِ

- غَيْرُهُ:

وَنَقْلُ الصَّخْرِ مِنْ تِلْكَ الْجِبَالِ ... أَخَفُّ عَلَيَّ مِنْ مِنَنِ الرِّجَالِ

يَقُولُ النَّاسُ كَسْبٌ فِيهِ عَارٌ ... فَقُلْتُ: الْعَارُ فِي ذُلِّ السُّؤَالِ

- كَانَ أَبُو خِرَاشٍ الْهُذَلِيُّ مِنْ رِجَالِ قَوْمِهِ، فَخَرَجَ فِي سَفَرٍ لَهُ، فَمَرَّ بِامْرَأَةٍ مِنَ الْعَرَبِ، وَلَمْ يُصِبْ طَعَامًا قَبْلَ ذَلِكَ بِثَلاثٍ أَوْ أَرْبَعٍ، فَقَالَ: يَا رَبَّةَ الْبَيْتِ، هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ طَعَامٍ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، فَجَاءَتْ بِعُمْرُوسٍ، يَعْنِي حِمْلا مِنَ الْغَنَمِ، وَقَالَتِ: اذْبَحْهُ، فَذَبَحَهُ، ثُمَّ سَلَخَهُ، ثُمَّ حَشَّهُ، ثُمَّ أَقْبَلَ بِهِ، وَلَمَّا وَجَدَ رِيحَ الشِّوَاءِ قَرْقَرَ بَطْنُهُ، قَالَ: وَإِنَّكَ لَتُقَرْقِرُ مِنْ رَائِحَةِ الطَّعَامِ، يَا رَبَّةَ الْبَيْتِ: هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ صَبْرٍ، قَالَتْ: نَعَمْ، وَمَا تَصْنَعُ بِهِ؟ قَالَ: شَيْءٌ أَجِدُهُ فِي بَطْنِي، فَأَتَتْهُ بِصَبْرٍ، فَمَلأَ رَاحَتَهُ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ بَطْنِي تُقَرْقِرُ إِذَا وَجَدَتْ رَائِحَةَ الطَّعَامِ، ثُمَّ ارْتَحَلَ، فَقَالَتْ: يَا عَبْدَ اللَّهِ، هَلْ رَأَيْتَ قَبِيحًا؟ قَالَ: لا وَاللَّهِ، وَلا سُوءًا، ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ:

وَإِنِّي لأُثْوِي الْجُوعَ حَتَّى يَمَلَّنِي ... حَيَاءً وَلَمْ تَدْنَسْ ثِيَابِي وَلا جِرْمِي

<<  <   >  >>