للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣٧٠٧ - فَوَجَدْنَا إِسْحَاقَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يُونُسَ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ ذَرٍّ قَالَ: حَدَّثَنَا الْعَيْزَارُ بْنُ جَرْوَلٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عُمَيْرٍ , وَكَانَ صَدِيقًا لِعَبْدِ اللهِ , يُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ اللهِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " إِنَّ اللَّعْنَةَ إِذَا ⦗٣٢٧⦘ هِيَ وُجِّهَتْ إِلَى أَحَدٍ تَوَجَّهَتْ , فَإِنْ وَجَدَتْ عَلَيْهِ سَبِيلًا , أَوْ وَجَدَتْ فِيهِ مَسْلَكًا دَخَلَتْ عَلَيْهِ , وَإِلَّا رَجَعَتْ إِلَى رَبِّهَا عَزَّ وَجَلَّ , فَقَالَتْ: أَيْ رَبِّ , إِنَّ فُلَانًا وَجَّهَنِي إِلَى فُلَانٍ , وَإِنِّي لَمْ أَجِدْ عَلَيْهِ سَبِيلًا , وَلَمْ أَجِدْ فِيهِ مَسْلَكًا , فَمَا تَأْمُرُنِي؟ قَالَ: " ارْجِعِي مِنْ حَيْثُ جِئْتِ " فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّ الْعَيْزَارَ إِنَّمَا أَخَذَ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ أَبِي عُمَيْرٍ هَذَا , عَنْ عَبْدِ اللهِ. قَالَ: فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الْإِنْسَانَ إِذَا لَعَنَ الْإِنْسَانَ فَكَانَ الْمَلْعُونُ مِمَّنْ يَسْتَحِقُّ ذَلِكَ سَلَكَتْ فِيهِ لَعْنَتُهُ , وَإِنْ كَانَ بِخِلَافِ ذَلِكَ رَجَعَتْ إِلَى الَّذِي كَانَتْ مِنْهُ , فَسَلَكْتُ فِيهِ. فَقَالَ قَائِلٌ: فَقَدْ رُوِّيتَ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْكَ فِي كِتَابِكَ هَذَا فِي الْمَرْأَةِ الَّتِي لَعَنَتْ بَعِيرَهَا , وَفِي الرَّجُلِ الَّذِي لَعَنَ بَعِيرَهُ , أَمَرَهُ أَنْ لَا يَصْحَبَهُ ذَانِكَ الْبَعِيرَانِ لِأَنَّهُمَا صَارَا مَلْعُونَيْنِ؛ وَلَأَنَّ اللَّعْنَ مِنَ اللَّاعِنِ دُعَاءٌ عَلَى مَنْ لَعَنَهُ , وَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يُوَافِقَ مِنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ سَاعَةً نِيلَ فِيهَا عَطَاؤُهُ , فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ لَاعِنَيْ نَاقَتَيْهِمَا قَدْ وَافَقَا مِنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ تِلْكَ السَّاعَةَ , فَعَادَتْ نَاقَتَاهُمَا إِلَى مَا عَادَتَا إِلَيْهِ مِنَ الطَّرْدِ وَالْإِبْعَادِ , وَهُمَا فَلَا ذَنْبَ لَهُمَا , وَلَمْ تَعُدِ اللَّعْنَةُ إِلَى اللَّاعِنِ , فَتَسْلُكَ فِيهِ إِذًا لَمْ تَجِدْ مَسْلَكًا فِي النَّاقَتَيْنِ الْمَلْعُونَتَيْنِ , وَهَذَا تَضَادٌّ شَدِيدٌ. فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ بِتَوْفِيقِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ: أَنَّ اللَّعْنَ لِلْأَشْيَاءِ الَّتِي لَا ذُنُوبَ لَهَا , وَلَا تَعَبُّدَ عَلَيْهَا يَرْجِعُ إِلَى مَعْنَى الدُّعَاءِ عَلَيْهَا بِاللَّعْنِ , فَيُرَدُّ ⦗٣٢٨⦘ ذَلِكَ الدُّعَاءُ مِمَّنْ كَانَ مِنْهُ عُقُوبَةً عَلَيْهِ , فَيُمْنَعُ مِنَ الِانْتِفَاعِ بِمَا لَعَنَهُ , وَيَكُونُ ذَلِكَ ضَرَرًا عَلَيْهِ , وَأَمَّا مَا لَعَنَهُ بِهَا , فَلَا ضَرَرَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ , بَلْ قَدْ عَادَ مَحْمُولًا عَنْهُ الِاسْتِعْمَالُ الَّذِي كَانَ يَعْمَلُهُ قَبْلَ ذَلِكَ , وَاللَّعْنُ لِلْإِنْسَانِ لَعْنٌ لِمَنْ هُوَ مُتَعَبَّدٌ , وَلِمَنْ قَدْ يَكُونُ مِنْهُ الْأَخْلَاقُ الْمَذْمُومَةُ , الَّتِي يَكُونُ بِهَا مَلْعُونًا , فَيَكُونُ مَنْ لَعَنَهُ غَيْرَ مُعَنَّفٍ فِي لَعْنِهِ إِيَّاهُ , لِأَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ لَعَنَ الظَّالِمِينَ وَقَالَ فِي كِتَابِهِ: {أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ} [البقرة: ١٥٩] . وَلَعَنَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قُنُوتِهِ فِي الصَّلَاةِ مَنْ لَعَنَ فَقَالَ: " اللهُمَّ الْعَنْ لِحْيَانَ , وَرِعْلًا , وَذَكْوَانَ , وَعُصَيَّةَ عَصَتِ اللهَ وَرَسُولَهُ ". فَكَانَ ذَلِكَ سَبَبًا لِفَنَائِهِمْ حَتَّى لَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ أَحَدٌ. وَإِنْ كَانَ الْمَلْعُونُ بِخِلَافِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ لَاعِنَهُ مِمَّنْ قَدْ سَبَّهُ بِأَكْثَرَ مَا يَسُبُّ بِهِ أَحَدٌ , فَاسْتَحَقَّ بِذَلِكَ الْعُقُوبَةَ عَلَى سَبِّهِ إِيَّاهُ , فَجَعَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عُقُوبَتَهُ عَلَى ذَلِكَ عَوْدَ اللَّعْنَةِ إِلَيْهِ , وَسُلُوكَهَا فِيهِ , حَتَّى يَكُونَ فِي الْمَعْنَى الَّذِي أَرَادَ مِنَ الَّذِي لَعَنَهُ أَنْ يَكُونَ بِهِ بِلَعْنِهِ إِيَّاهُ , وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ ذَلِكَ , وَنَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>