للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ , حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَبِي الرَّبِيعِ الْجُرْجَانِيُّ , أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ , حَدَّثَنَا سُفْيَانُ , عَنْ قَابُوسَ بْنِ أَبِي ظَبْيَانَ , عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: أَتَاهُ رَجُلَانِ قَدْ وَقَعَا عَلَى امْرَأَةٍ فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ، فَقَالَ: " الْوَلَدُ بَيْنَكُمَا، وَهُوَ لِلْبَاقِي مِنْكُمَا " ⦗٢١٣⦘ فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّ عَلِيًّا لَمْ يَتْرُكْ مَا قَدْ كَانَ حَكَمَ بِهِ مِنَ الْإِقْرَاعِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ مِمَّا قَدْ وَقَفَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمْ يُنْكِرْهُ عَلَيْهِ إِلَّا إِلَى مَا هُوَ أَوْلَى مِنْهُ مِمَّا قَدْ نَسَخَهُ، وَأَعَادَ الْحُكْمَ فِي الْوَقْتِ الَّذِي قَدْ قَضَى بِهِ إِلَى خِلَافِ مَا كَانَ عَلَيْهِ فِي الْوَقْتِ الْأَوَّلِ الَّذِي كَانَ قَضَى فِيهِ بِمَا قَضَى، وَفِي ذَلِكَ مَا يَجِبُ بِهِ انْتِفَاءُ الْقَضَاءِ بِالْقُرْعَةِ فِي الْأَنْسَابِ، وَفِيمَا سِوَاهَا مِنَ الْأَشْيَاءِ الْمُدَّعَاةِ الَّتِي تَتَكَافَأُ الْبَيِّنَاتُ الَّتِي تُقَامُ عَلَيْهَا ثُمَّ ثَنَّيْنَا بِمَا قَالَهُ مَنْ ذَكَرْنَا عَنْهُ أَنَّهُ يَنْظُرُ إِلَى أَفْضَلِ الْبَيِّنَتَيْنِ الشَّاهِدَتَيْنِ عَلَى ذَلِكَ، وَأَبْيَنِهِمَا صَلَاحًا فَيَحْكُمُ بِهِ فَوَجَدْنَا ذَلِكَ مِمَّا يَدْفَعُهُ الْمَعْقُولُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ اللهَ تَعَالَى قَالَ: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: ٢] ، وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} [البقرة: ٢٨٢] ، فَأَعْلَمَنَا مَنْ جَعَلَ لَنَا الْحُكْمَ ⦗٢١٤⦘ بِشَهَادَتِهِ، وَهُوَ ذُو الْعَدْلِ، وَقَدْ يَخْتَلِفُ أَهْلُ الْعَدْلِ فِيمَا هُمْ عَلَيْهِ مِنْهُ، فَيَكُونُ بَعْضُهُمْ أَعْلَى رُتْبَةً فِيهِ مِنْ بَعْضٍ، وَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، عَقَلْنَا عَنِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: أَنَّهُ قَدْ جَعَلَ لَنَا أَنْ نَحْكُمَ بِشَهَادَةِ مَنْ وَقَفْنَا عَلَى عَدَالَتِهِ كَانَ مَعَهُ مِنَ الْفَضْلِ مَا يَتَجَاوَزُ ذَلِكَ، أَوْ لَمْ يَكُنْ، فَانْتَفَى بِذَلِكَ هَذَا الْقَوْلُ، ثُمَّ ثَلَّثْنَا بِالنَّظَرِ فِي قَوْلِ مَنْ قَالَ: إِنَّهُ يَحْكُمُ فِي ذَلِكَ بِعَدَدِ الشُّهُودِ، فَوَجَدْنَاهُ أَيْضًا لَا مَعْنَى لَهُ؛ لِأَنَّ الشَّاهِدَيْنِ الْعَدْلَيْنِ، لَمَّا أَمَرَنَا اللهُ تَعَالَى بِالْحُكْمِ بِهِمَا، عَقَلْنَا عَنْهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّهُمَا كَأَكْثَرِ مِنْهُمَا مِنَ الْعَدَدِ، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ كَانَ كَثْرَةُ الْعَدَدِ وَقِلَّتُهُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٍ وَلَمَّا انْتَفَتْ هَذِهِ الْأَقْوَالُ الثَّلَاثَةُ بِمَا ذَكَرْنَا، وَلَمْ يَكُنْ فِي هَذَا الْبَابِ مِمَّا وَجَدْنَا أَهْلَ الْعِلْمِ قَالُوهُ فِيهِ غَيْرَ الْأَرْبَعَةِ الْأَقْوَالِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا عَنْهُمْ فِيهِ، كَانَتِ الثَّلَاثَةُ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا مِنْهَا لَمَّا انْتَفَتْ، ثَبَتَ الْقَوْلُ الْآخَرُ مِنْهَا، وَلَمْ يَجِبِ الْخُرُوجُ عَنْهُ إِلَى مَا يُخَالِفُهُ، وَهُوَ أَنْ يُقْضَى بِالْمُدَّعَى لِمُدَّعِيَيْهِ اللَّذَيْنِ قَدْ تَكَافَأَتْ حُجَّتُهُمَا فِيهِ بِالتَّسْوِيَةِ، لَا سِيَّمَا وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَلِيلِ الْمِقْدَارِ فِي الْعِلْمِ، وَلَمْ يُرْوَ عَنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ فِي ذَلِكَ خِلَافُ مَا قَالَهُ فِيهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>