٥٣٨٤ - وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنِي أَبُو عَامِرٍ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ: " أَنَّ رَجُلًا أَعْتَقَ شِقْصًا فِي مَمْلُوكٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " عَتَقَ مِنْ مَالِهِ إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ "، وَقَالَ: " لَيْسَ لِلَّهِ شَرِيكٌ " فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ: أَنَّ سَعِيدًا، وَهِشَامًا قَدْ رَوَيَا هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ قَتَادَةَ، كَمَا ذَكَرَ، وَقَدْ زَادَ عَلَيْهِمَا عَنْ قَتَادَةَ فِيهِ هَمَّامٌ مَا زَادَ، وَهَمَّامٌ مِمَّنْ لَوْ رَوَى حَدِيثًا فَتَفَرَّدَ بِرِوَايَتِهِ إِيَّاهُ كَانَ مَأْمُونًا عَلَيْهِ، مَقْبُولَةً رِوَايَتُهُ ⦗٤٢٦⦘ فِيهِ، وَمَنْ كَانَ كَذَلِكَ فِي تَفَرُّدِهِ بِرِوَايَةِ حَدِيثٍ، كَانَ كَذَلِكَ فِي تَفَرُّدِهِ بِرِوَايَةِ زِيَادَةٍ فِي حَدِيثٍ فَقَالَ هَذَا الْقَائِلُ: فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ: " عَتَقَ مِنْ مَالِهِ إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ، لَيْسَ لِلَّهِ شَرِيكٌ "، فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ عَتَاقَهُ كَذَلِكَ، وَخُلُوصَهُ لِلَّهِ، إِنَّمَا يَكُونُ إِذَا كَانَ لَهُ مَالٌ، فَأَمَّا إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ، فَإِنَّهُ يَكُونُ بِخِلَافِ ذَلِكَ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ: أَنَّهُ لَيْسَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا يَدُلُّ عَلَى مَا ذَكَرَ، وَإِنَّمَا الَّذِي فِيهِ عَتَاقُ الْعَبْدِ مِنْ مَالِ مُعْتِقِهِ، لَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ، وَلَيْسَ فِيهِ مَا يَمْنَعُ أَنْ يَكُونَ عَتَاقُهُ يَكُونُ مِنْ غَيْرِ مَالِ مُعْتِقِهِ، إِذَا لَمْ يَكُنْ لِمُعْتِقِهِ مَالٌ، وَهَذَا أَوْلَى مَا حُمِلَ عَلَيْهِ وَجْهُهُ، حَتَّى لَا يُضَادَّ غَيْرَهُ، مِمَّا قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ ثُمَّ رَجَعْنَا إِلَى مَا يَقُولُهُ أَهْلُ الْعِلْمِ الَّذِينَ تَدُورُ عَلَيْهِمُ الْفَتْوَى فِي الْأَمْصَارِ فِي حُكْمِ هَذَا الْعَبْدِ فِي حَالِ إِعْسَارِ مُعْتِقِهِ، فَكَانَ بَعْضُهُمْ يَقُولُ: قَدْ صَارَ الْعَبْدُ حُرًّا كُلُّهُ بِعِتْقِ الَّذِي أَعْتَقَهُ مِنْ مَالِكِيهِ، وَعَلَى الْعَبْدِ أَنْ يَسْعَى لِمَنْ لَمْ يُعْتِقْهُ مِنْ مَالِكِيهِ، وَيُؤَدِّي ذَلِكَ إِلَيْهِمْ، وَمِمَّنْ كَانَ يَقُولُ ذَلِكَ مِنْهُمْ: مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، وَسُفْيَانُ بْنُ سَعِيدٍ الثَّوْرِيُّ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، فِي كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ وَكَانَ بَعْضُهُمْ يَقُولُ: قَدْ عَتَقَ مِنَ الْعَبْدِ مَا عَتَقَ بِعِتْقِ الَّذِي أَعْتَقَهُ مِنْ مَالِكِيهِ، وَمَنْ يَمْلِكُ بَقِيَّتَهُ عَلَى نَصِيبِهِ مِنْهُ، إِنْ شَاءَ أَعْتَقَهُ، فَكَانَ حُرًّا بِعَتَاقِهِ إِيَّاهُ، وَعَادَ الْعَبْدُ حُرًّا بِالْعَتَاقِ الْأَوَّلِ الَّذِي كَانَ بَعْدَهُ، وَإِنْ ⦗٤٢٧⦘ شَاءَ اسْتَسْعَى الْعَبْدَ فِي قِيمَةِ نَصِيبِهِ مِنْهُ، فَعَلَ ذَلِكَ، حَتَّى يُؤَدِّيَهُ إِلَيْهِ، وَمِمَّنْ كَانَ يَقُولُ ذَلِكَ: أَبُو حَنِيفَةَ، وَكَانَ يُحْتَجُّ فِي ذَلِكَ بِمَا قَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِيهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute