للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مَا قَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ بُرَيْدَةَ مَوْلَى الْأَسْوَدِ قَالَ: سَأَلْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ، عَنْ رَجُلٍ بُشِّرَ بِجَارِيَةٍ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: هَبْهَا إِلَيَّ، فَوَهَبَهَا لَهُ، فَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: " لَمْ تَحِلَّ الْهِبَةُ لِأَحَدٍ بَعْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَوْ أَصْدَقَهَا سَوْطًا، لَحَلَّتْ لَهُ " فَدُلَّ ذَلِكَ أَنَّ الْهِبَةَ الَّتِي كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اخْتُصَّ بِهَا كَانَ عِنْدَ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَلَى الْهِبَةِ الَّتِي لَا صَدَاقَ عَلَيْهِ فِيهَا، وَإِنَّ مَنْ سِوَاهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْهِبَةِ يَكُونُ بِهَا نَاكِحًا بِصَدَاقٍ يَجِبُ عَلَيْهِ فِيهَا، كَمَا يَجِبُ عَلَيْهِ فِي تَزْوِيجٍ لَوْ نَكَحَ بِلَا صَدَاقٍ ذَكَرَهُ فِيهِ. وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ مَعْنًى يَجِبُ أَنْ يُتَأَمَّلَ وَهُوَ قَوْلُهَا: " إِنِّي لَأَسْتَحْيِي مِنَ امْرَأَةٍ تَهَبُ نَفْسَهَا لِرَجُلٍ بِغَيْرِ مَهْرٍ " وَلَمْ تَقْصِدْ بِذَلِكَ الرَّجُلِ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بَلْ عَمَّتْ بِهِ الرِّجَالَ، إِنْ كَانَ ذَلِكَ خَرَجَ مِنْهَا مَخْرَجَ النَّكِرَةِ، ⦗٣٤١⦘ وَالنَّكِرَةُ تَعُمُّ النَّاسَ جَمِيعًا، فَكَانَ قَوْلُهَا هَذَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّهَا تَسْتَحْيِي لِامْرَأَةٍ تَهَبُ نَفْسَهَا لِرَجُلٍ بِغَيْرِ مَهْرٍ، فَدَخَلَ فِي ذَلِكَ النَّاسُ جَمِيعًا، فَكَانَ فِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ أَنَّ مَنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا مِنَ النِّسَاءِ لِأَحَدٍ مِنَ الرِّجَالِ كَانَ بِهِ زَوْجًا، وَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْخُصُوصِيَّةَ إِنَّمَا كَانَتْ فِي كَوْنِهَا زَوْجَةً لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِغَيْرِ صَدَاقٍ، فَلَا يَكُونُ تَزْوِيجًا لِغَيْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَمَا كَانَتْ تَزْوِيجًا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلَا صَدَاقٍ، وَيَكُونُ لِغَيْرِهِ بِصَدَاقٍ يَجِبُ مَعَهَا، وَبِاللهِ التَّوْفِيقُ

<<  <  ج: ص:  >  >>