وصوار المسك أيضا، يقال له صوار. هذا قول أبي زياد.
قال أبو القاسم: لو أخر ما قدم وقدم ما أخر لسلم. الصوار في بيت الأعور: هو المسك، ولا يجوز أن يكون من بقر الوحش. وأدلّ دليل على صحة قولنا قوله: بالمدينة: وقوله أيضا: أحسبا، لأن الأحسب كلون المسك وبقر الوحش بيض. والأصورة في البيت الثاني: جمع صوار بقر الوحش وهو القطيع منها، ويقال: صِوار وصُوار بالكسر والضم وكذلك أيضا أصورة المسك، وهي قطع ريحه، ونفحات منه، واحدها صِوار وصُوار.
وقال أبو زياد: وقال جهم بن شبل الكلابي، وهو يُعرّض بخطبة امرأة:
يا سلمَ أسقاك البريقُ الوامضُ ... هل لك والعائضُ منك عائضُ
في هجمة يُفضل منها القابضُ
وأنشد أبياتاً بعد هذا وفسر فقال: وأراد من قبض منها شيئاً أفضل شيئاً كثيراً.
وأكثر الرواة على خلاف هذا القول فممن خالفه أبو عمرو الشيباني وأبو زيد الأنصاري، وهما يرويان هذا الرجز لأبي محمد الفقعسي والله أعلم بصحة ذلك.
وأبو عمرو وغيره على أن القابض: السريع، وهو عندهم من القباضة.
وقال أبو يوسف يعقوب بن اسحق السِّكيت يقال: إنه قبيض بيّن القباضة، أي سريع بين السرعة، قال: ومنه قول الفقعسي:
عائض منك عائض ... في هَجْمة يغدر منها القابضُ
أي السريع السوق لا يقدرعلى سوقها فيغدر منها بعضها.
٥ - وقال أبو زياد - وقد ذكر الفصيل اللاهج وما يفعلون به -: فإذا فعل ذلك غضبوا ففلكوا لسان الفصيل، وذلك إما أن يأخذوا فلكتين مثل فلكتي المغزل مثقوبتين في أوساطها ثم يدخلوا في إحداهما سيراً، ثم يجعلوه في المسلّة ثم يغمزوا بالمسلة طرف لسان الفصيل حتى تخرج الى الفلكة الأخرى ثم يعقدوا المسلّة وراءها كما عقدوه في الأخرى فيحتلبوها زماناً، ثم يوشك أن يرضع على الفلكتين فلذلك يسمى الإجرار، والفصيل المجرور قد أجروه كما ترى، فإذا رضع على الفلكتين أخذوه فشقوا من لسانه قدر ثلثه شقتين، ثم حلّوا طرفيه فمرض بذلك حينا ثم أوشك أن يبرأ طرف لسانه، ولا يرضع آخر الدهر شيئاً.
قال: وربما استجزأوا بالخلال فلم يفلكوه، وربما مضى التفليك فاستجزأوا به، ولم يشقوا لسانه.
وقد وهم في هذا الترتيب، إنما الذي حكاه في الإجرار هو التفليك، وشق اللسان: هو الإجراز، يقال: أجر لسانه إذا شقّه. وأنشد أبو رياش أحمد بن هاشم عمرو بن معدي كرب: ظَلِلت كأني في الرماح دريئةً أُطاعن عن أبناء جَرْم وفرّتِ
فلو أنَّ قومي أنطقتني رماحهم ... نطقتُ ولكنَّ الرماحَ أجرّتِ
قال أبو رياشى: أراد قطعت لساني عن أن أفخر لسوء فعلها.
وقال أبو يوسف في إصلاح المنطق: أجررت الفصيل إذا شققت لسانه لئلاّ يرضع أمه، قال عمرو بن معدي كرب: فلو أن قومي ... أي لو قاتلوا وأبلوا لذكرت ذلك، ولكن رماحهم أجرتني أي قطعت لساني عن الكلام لأنهم لم يقاتلوا. وقد تبع أبا زياد في هذا القول ابن قتيبة، واحتجّ بقول أبي زياد بقول الشاعر:
كما خلَّ ظهر اللسان المُجرّ
وقد أساء في ذلك لأن المجر - في قول أبي زياد - المُفلك، وفي قولنا وهو الصحيح: الشاق القاطع، والخل - في كل قول -: الشد بالخلال، وإنما أراد الشاعر خلة الخال الذي يخل، ويفلك، ويجر فهذا كقول العجاج:
يكشف عن جَمّاته دلُو الدّال
وإنما هو: دلو المُدْلي فلما كان المُدلي إذا أدْلى عاد فدلّى، قال: دلو الدال.
ومع هذا فقد ذكر أبو زياد الخل، فقال: فإذا غلبهم خلّوا في أنفه بخلال، أصل الخلال في أنفه، وطرفه محدد طويل قدام أنفه، فإذا جاء يرضع طعن بالخلال في ضرعها فوثبت، وأنشد:
حرّضها الحمضُ فلا تقيلُ ... ولايقيل قربها فصيلُ
إلاّ فصيلٌ لاهجٌ مخلولُ
فهذا الخل. ومع هذا فأكثر الرواة على رواية البيت: كما شد ظهر اللسان المجر وهو موافق لقولنا، لأن الشد أول الإجرار، وقد قال المُتلمّس في الإجرار:
وقد كنتَ ترجو أن أكونَ بعقبكمْ ... زَنيماً فما أجررتُ أنْ أتكلما
٦ - وقال أبو زياد: وجماعة المعزى إذا كانت من الأربعين إلى الخمسين فهي صُبّة من معزى ومثلها من الضأن فِزر.