للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا" فيسقون (١) .

٥٧٩ - وهذا دعاء أقره عليه جميع الصحابة، لم ينكره أحد مع شهرته، وهو من أظهر الإجماعات الإقرارية، ودعا (٢) بمثله معاوية بن أبي سفيان في خلافته لما استسقى بالناس.

٥٨٠ - فلو كان توسلهم بالنبي صلى الله عليه وسلم بعد مماته كتوسلهم في حياته لقالوا: كيف نتوسل بمثل العباس ويزيد بن الأسود ونحوهما؟ ونعدل عن التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم الذي هو أفضل الخلائق وهو أفضل الوسائل وأعظمها عند الله؟.

٥٨١ - فلما لم يقل ذلك أحد منهم، وقد علم أنهم في حياته إنما توسلوا بدعائه وشفاعته، وبعد مماته توسلوا بدعاء غيره وشفاعة غيره، علم أن المشروع عندهم التوسل بدعاء المتوسل به لا بذاته.

٥٨٢ - وحديث الأعمى حجة لعمر / وعامة الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين، فإنه إنما أمر الأعمى أن يتوسل إلى الله بشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم ودعائه لا بذاته، وقال له في الدعاء: "قل اللهم شفعه فيَّ"، وإذا قدر أن بعض الصحابة أمر غيره أن يتوسل بذاته لا بشفاعته ولم يأمر بالدعاء المشروع بل ببعضه وترك سائره المتضمن للتوسل بشفاعته، كان ما فعله عمر بن الخطاب هو الموافق [لسنة] رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان المخالف لعمر محجوجاً بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان الحديث الذي رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم حجة عليه لا له. والله أعلم.


(١) تقدم ص (٨٨) .
(٢) تقدم ص (١٢٧) .