للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

الله، وبين أن الخشية والتقوى لله وحده فلم يأمر أن يخشى مخلوق ولا يتقى مخلوق.

٦١٠ - وقال تعالى: (٩: ٥٩) : {وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتَاهُمْ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ} ، وقال تعالى (٩٤: ٧ - ٨) {فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ * وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ} . فبين سبحانه وتعالى أنه كان ينبغي لهؤلاء أن يرضوا بما آتاهم الله ورسوله، ويقولوا حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله ورسوله، إنا إلى الله راغبون، فذكر الرضا بما آتاه الله ورسوله لأن الرسول هو الواسطة بيننا وبين الله في تبليغ أمره ونهيه وتحليله وتحريمه ووعده ووعيده. فالحلال ما حلله الله ورسوله والحرام ما حرمه الله ورسوله، والدين ما شرعه الله ورسوله. ولهذا قال تعالى (٥٩: ٧) : {وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} . فليس لأحد أن يأخذ من الأموال إلا ما أحله الله ورسوله، والأموال المشتركة، كمالِ الفيء والغنيمة والصدقات، عليه أن يرضى بما آتاه الله ورسوله منها، وهو مقدار حقه لا يطلب زيادة على ذلك، ثم قال تعالى (٩: ٥٩) {وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ} ، ولم يقل: "ورسوله"؛ فإن الحسْب هو الكافي، والله وحده هو كاف عباده المؤمنين كما قال تعالى (٨: ٦٤) : {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنْ اتَّبَعَكَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ} ، أي هو وحده حسبك وحسب من اتبعك من المؤمنين.

٦١١ - هذا هو القول الصواب الذي قاله جمهور السلف والخلف كما بين في موضع آخر، والمراد أن الله كاف للرسول ولمن اتبعه. فكل من اتبع الرسول فالله كافيه وهاديه وناصره ورازقه، ثم قال