للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

٦٥٨ - وفي الصحيحين (١) عن ابن مسعود، قال: لما نزلت هذه الآية {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} شق ذلك على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وقالوا: أينا لم يظلم نفسه؟ فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: "إنما ذاك الشرك كما قال العبد الصالح (٣١: ١٣) : {يَابُنَيَّ لاَ تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} . وقال تعالى (٢٤: ٥٢) : {وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَائِزُونَ} .

٦٥٩ - فجعل الطاعة لله والرسول، فإنه من يطع الرسول فقد أطاع الله. وجعل الخشية والتقوى لله وحده فلا يخشى إلا الله، ولا يتقى إلا الله. وقال تعالى (٥: ٤٤) : {فَلاَ تَخْشَوْا النَّاسَ وَاخْشَوْنِي وَلاَ تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلاً} . وقال تعالى: (٣: ١٧٥) : {فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِي إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} . وقال تعالى (٩: ٥٩) : {وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتَاهُمْ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ} . فجعل سبحانه الإيتاء لله والرسول في أول الكلام وآخره، كقوله تعالى (٥٩: ٧) : {وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} . مع جعله الفضل لله وحده، والرغبة إلى الله وحده وهو تعالى وحده. حسبهم لا شريك له في ذلك.


(١) أخرجه البخاري في ٢ - الإيمان ٢٣ - باب ظلم دون ظلم، حديث ٣٢، ٦٥ - التفسير، تفسير سورة الأنعام، حديث (٤٦٢٩) ، وتفسير سورة لقمان، حديث (٤٧٧٦) وفي مواضع أخر. ومسلم في الإيمان، ٥٦ - باب صدق الإيمان وإخلاصه، حديث (١٩٧، ١٩٨) ، وأحمد (١/٣٧٨) . كلهم من حديث ابن مسعود، رضي الله عنه.