ولما اجتمع الزهري وأبو حازم الزاهد بالمدينة عند بعض بني أمية لما حجّ وسمع الزهري كلام أبي حازم وحكمته أعجبه ذلك، وقال: هو جاري منذ كذا وكذا، وما جالسته وما عرفت أن هذا عنده!. فقال له أبو حازم: أجل إني من المساكين، ولو كنت من الأغنياء لعرفتني فوبخه بذلك. وفي رواية عنه أنه قال له: لو أحببت الله أحببتني، ولكنك نسيت الله فنسيتني. يشير إلى أن من أحب الله تعالى أحب المساكين من أهل العلم والحكمة لأجل محبته لله تعالى، ومن غفل عن الله تعالى غفل عن أوليائه من المساكين فلم يرفع بهم رأساً، ولم ينتفع بما اختصهم الله عز وجل به من الحكمة والعلوم النافعة التي لا توجد عند غيرهم من أهل الدنيا.
وقد كان علماء السلف يأخذون العلم عن أهله والغالب عليهم المسكنة وعدم المال والرفعة في الدنيا، ويدعون أهل الرياسات والولايات فلا يأخذون عنهم ما عندهم من العلم بالكلية.
ومنها: أنه يوجب صلاح القلب وخشوعه، وفي المسند عن أبي هريرة أن رجلاً شكى إلى رسول الله (قسوة قلبه، فقال له:" إن أحببت أن يلين قلبك فأطعم المسكين وامسح رأس اليتيم ".