أقول: إن الإسلام جاء منقذا للبشرية، فأذاب الفوارق، وركز على الحقوق والواجبات، وبناء المجتمع النقي المترابط، وجعل لذلك البناء نظاماً دقيقاً، ومنهجاً أوضح من الشمس، وأمده بمصدرين الكتاب والسنة، وجعلهما معينين لا ينضبان على مر الدهر وتعاقب الأزمان، فلما تلقاهما الدارسون على يدي نبي الهدى والرحمة برغبة صادقة، وحب مكين نالوا من فهمهما الحظ الوافر، وطبقوا ما فهموا في أعمال مخلصة، كان عصرهم تاريخا مجيدا للمجتمع الإسلامي الصحيح، الذي بنيت أسس حضارته الرفيعة على أنبل القيم، وأثبت المبادئ، فقام على ذلك نظام الحكم المثالي، وتجلت الحياة الإنسانية في أبهى صورها، وقامت الدولة الإسلامية على أمثل الأساليب، وكان المجتمع الإسلامي يصدّر الحضارة الراقية والمثل السامية إلى أمم الجهل والتخلف، وكان الهدف من ذلك التصدير إسعاد البشرية جماعة وفرادى في الدنيا والآخرة، وأصبحت الحضارة الإسلامية بشتى مجالاتها تنادي بما فيه فلاح الإنسانية قاطبة في الحال والمآل.