إن الله عز وجل رب العالمين، فهو سبحانه مربي كل مخلوق وراعيه، بكل ما تعنيه كلمة التربية والرعاية، وإذا كانت رعايته شاملة لجميع مخلوقاته، فإنها في حق بني آدم آكد وأشد، لأنه تعالى اصطفي آدم وذريته، وفضلهم على كثير من المخلوقات، لذلك جاءت عناية الرب عز وجل باليتيم الصغير الضعيف الذي لا إدراك له، ولا فهم ولا نضوج، تامة وافية بجميع مقاييس الحفظ والرعاية، نعم جاءت عناية الله في الوقت الذي فقد فيه هذا الصغير من يحوطه من البشر ويرعاه، ويدفع عنه نوائب الدهر وقسوة الحياة، فقررت قاعدة اجتماعية عظيمة، طالما حرمها اليتيم في المجتمعات الجاهلية، قاعدة التكافل الاجتماعي، التي ألقت بالمسئولية على كواهل المسلمين الفرد والجماعة في ذلك سواء. هذا من نظام الإسلام الذي تميز بحفظ الحقوق والواجبات لجميع أفراد الجنس البشري، فكم من يتيم ضاع في المجتمع الجاهلي، لا يجد الساعد الذي يحميه، ولا البيت الذي يؤويه، تنهب أمواله، وتنتهك حرماته، لذلك قيل: "أضيع من الأيتام على مأدبة اللئام، لهذه الأسباب ولغيرها من المصالح العظيمة أوصى الله عز وجل بالأيتام، وجعل الأمة الإسلامية ذات مسئوليات محددة تقوم بالحقوق والواجبات على مستوى الفرد والجماعة، وأرسى قواعد التكافل الاجتماعي، ونوه بحماية اليتيم في غير ما آية من كتابه العزيز١.