للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

النعمان١، وابن الفارض٢، وغيرهم من أهل الزيغ والإلحاد، الذين ألبسوه حلية الإسلام، ومزجوه بشيء من الحقِ، حتى راج سوقهم ونفقت بضاعتهم، واغتر بها جَهلاؤهم وعوامهم، ومن ذلك أيضاَ شرك من عطل أسماء الرب عز وجل، وهم غلاة الجهمية٣ والقراطمة٤.

٢- شرك من جعل مع الله إلهاً آخر ولم يعطل أسماءه وصفاته وربوبيته، ومنه شرك النصارى الذين جعلوه ثالث ثلاثة قال الله تعالى: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلاَّ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} ٥ ومنه شرك المجوس القائلين بإسناد حوادث الخير إلى النور، وحوادث الشر إلى الظلمة، ومنه أيضاً شرك الذين يرون أن للكواكب والنجوم تدبيرا لأمر الكون أو زيادة الرزق أو نقصانه، والنجوم خلق من خلق الله لا يجوز أن يعتقد أحد أنها تنفع وتضرمن دون الله، ولذلك أقسم الله بها لصرف الأنظار إلى تدبر عظمة خالقها عز وجل وتدبيره أمرها. قال تعالى: {فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ} ٦ وقال تعالى: {وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ} ٧ فأخبر عز وجل بسجود جنس النجم له عز وجل، ولم تخلق النجوم لتُعبد وإنما خلقت لأمور ثلاثة:

الأول: زينة للسماء قال تعالى: {إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ} ٨ وقال عز


١ أبو الربيع، سليمان بن على بن عبد الله بن على العابدي، الكوفي ثم التلمساني، أحد زنادقة الصوفية، ومن عظماء القائلين بالوحدة المطلقة، ومن سيئ قوله: القرآن ليس فيه توحيد، بل كله شرك، ومن اتبع القرآن يصل إلى التوحيد، وكان يقول: نكاح الأم والبنت، والأجنبية واحد- بمعنى أنه لا فرق بين ذات المحرم وغيرها- وإنما هؤلاء المحجوبون قالوا. حرام علينا فقلنا. حرام عليكم. انظر (النفاق والزندقة ص ١٣٢) .
٢ عمر بن علي، ولد سنة ست وسبعين وخمسمائة (٥٧٦ هـ) أحد القائلين بوحدة الوجود. قال عنه الذهبي رحمه الله: ينعق بالِإلحاد الصريح. له افتراءات وضلال ينوء بحملها، ويبوء بإثمها. انظر (النفاق والزندقة ص ١٢٣) .
٣ أتباع الضال المبتدع أبي محرزجهم بن صفوان الراسبي، زرع شراً عظيماً، وهو من الجبرية الخالصة ظهرت بدعته بترمذ، وقتله سالم بر أحوز المارني بمرو، في آخر ملك في أمية، وافق المعتزلة في نفي الصفات الأزلية، وراد عليهم بأشياء انظر (الفرق بين الفرق ص٢١١، والملل والنحل ١/١٠٩)
٤ فرقة من غلاة الشيعة يستحلون أموال المسلمين ودماءهم وهم أتباع أبي سعيد الحسر بن حهرام الجنابي، وظهرت هذه الفرقة في جمادى الآخرة من سنة ست وثمانين ومائتين وتوالى شرها على المسلمين. انظر (البداية والنهاية ١١/ ٨١) وما بعدها.
٥ الآية (٧٣) من المائدة.
٦ الآية (٧٥) من الواقعة.
٧ الآية (٦) من الرحمن.
٨الآية (٦) من الصافات.

<<  <  ج: ص:  >  >>