مباشرة، أو بواسطة وليه أو وصيه القائم على شئونه. وهذا نهي عن جميع التصرفات التي لا تعود بنفع ولا تدفع ضررا.
{إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَن}(الأنعام: من الآية١٥٢) :
إلا بالصفة الحسنة وهي العمل الذي يقوم به صلاح ماله وتنميته وحفظه من الضياع، فإن الله عز وجل أباح لكل من يقوم على أمر يتيم أن يتصرف بهذا الشرط في أمواله فيصرفه فيما يعود عليه بالنفع يجتهد في رجحان مصلحته من استثماره، والإنفاق منه على تربيته وتعليمه، وما يصلح به معاشه ومعاده، وهذا باب عظيم من أَبواب الشريعة الإسلامية. ألا ترى أن الرب عز وجل من بالغ حكمته ولطفه بعباده الكافل والمكفول. نهى عن قرب مال اليتيم، لأن النهي عن قرب الشيء أبلغ من النهي عنه؛ لأنه يتضمن النهي عن الأسباب والوسائل المؤدية إليه، والتصرفات التي توقع فيه، والنهي عن قرب الشيء يتضمن أيضاً النهي عن الشبهات التي تحتمل التأويل فيه، فيجد المسلم المتقي إذ يعدها هضماً لحق اليتيم، ولا يقع فيها إلا طامع يرى أنها بالتأويل مما يحل، وهذا باب من الشر يغلق بفهم النهي عن قرب الشيء. فليحذر المسلم مواطن الانزلاق فإن فيها مكامن خطر لا ينجو منها إلا من حفظه الله. والأخذ بالأحوط من أسباب الحفظ والسلامة.
{حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ}(الأنعام: من الآية١٥٢) :
هذا القيد غاية لإباحة التصرف في مال اليتيم بما يصلحه، ومن إصلاحه منع اليتيم نفسه منه حتى يكون راشداً في تصريف ماله كغيره من العقلاء. فإن الولي أو الوصي ممكّن شرعاً من منع اليتيم من تبديد ماله وإضاعته، أو الإسراف فيه. فالقيد المذكور غاية لما يفهم من الاستثناء، لا للنهي كأنه قيل:"احفظوا مال اليتيم حتى يبلغ، فإذا بلغ فادفعوا إليه ماله"، كما في قوله عز وجل:{فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ}(النساء: من الآية٦) وإن مما يجدر التنبيه إليه أن النهي عن قرب مال اليتيم عام فلا يجوز التصرف في ماله بما يفسده من قبل أي أحد ومن وقع في شيء من ذلك فإنه مؤاخذ مهما بعد وإذا كان النهي يتناول الولي والوصي بالدرجة الأولى فهو لغيرهما من باب الأولى، ثم إن على المسلم أن يحذر هذا الأمر أشد الحذر وأن يتعامل مع المسلمين وفق ما شرع الله لاسيما في هذا الزمان الذي عبدت فيه المادة وكثر أتباع الدرهم والدينار ومن تأمل هذه الوصية وما جاء في أمر اليتيم من الآيات يعلم علم اليقين ما في نظام الإسلام من سعادة وحماية لكل فرد؛ إن حماية الأموال تقوم على أساسين هامين في حياة كل فرد: