للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وبين التوبة لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله احتجر التوبة عن كل صاحب بدعة حتى يدع بدعته ".

ويخشى أن يكون أهل البدع والأهواء ممن يحال بينهم وبين الشرب من حوض النبي صلى الله عليه وسلم يوم القيامة، فقد جاء في الصحيحين عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنا فرطكم على الحوض وليختلجن رجال دوني فأقول: يا رب أصحابي فيقال إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، إنهم غيروا وبدلوا فيقول النبي صلى الله عليه وسلم: سحقاً سحقاً لمن غير وبدل"، أي بعداً له فهذه براءة من النبي صلى الله عليه وسلم ممن أحدث في الدين، وغيَّر وبدَّل، ومما لا شك فيه أن هؤلاء الذين يذادون عن الحوض من أمة محمد صلى الله عليه وسلم، أي من أمة الإجابة، يدل ذلك أنه قد جاء في بعض روايات هذا الحديث، بأن عليهم آثار الوضوء، وإنما حيل بينهم وبين الحوض، لما أحدثوه في الدين من عند أنفسهم، ولم ينزل الله به من سلطان، من تلك البدع والمنكرات والخرافات التي لا تعدو أن تكون من نسج خيالهم، وبنيات أفكارهم الضالة التي ظنوها حسنة وهي في الواقع من أقبح القبيح، وأي قبح أعظم من أن ينصب المرء نفسه مستدركاً على الله ورسوله ومشرعاً في دين الله بعد القرون المفضلة الأولى الذين هم خير الناس بعد صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

كما قال صلى الله عليه وسلم: "خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم". وقد مضت تلك القرون المفضلة وليس لهذه البدع وجود أو رواج وإن وجد شيء منها فهو محدود، وعلى نطاق ضيق، يختفي أصحابها ولا يستطيعون الظهور، لأنهم يشكلون أقلية بخلاف ما وصل إليه حال المسلمون اليوم، فقد طغت البدعة، ودرست السنة، وتغيرت مفاهيم المسلمين، وأصبح تصورهم للإسلام تصوراً خاطئًا، وجعلوه في إطار ضيق، فقد وصل مثلا في بعض البلاد إلى حد كونه لا يعدو أن يكون مجموعة من الطقوس والاحتفالات التي قلدوا فيها أعداء المسلمين والإسلام، ويوجهون سهامهم المسمومة إلى الإسلام بسبب ضلال في ضل من المسلمين عن الطريق السوي، وانحرف عن الجادة الصحيحة التي رسمها لهم الإسلام، وأمرهم أن يسيروا عليها ولا يحيدوا عنها يمينا أو شمالا، كما قال تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} يوسف/ ١٠٨. إلى غير ذلك من النصوص الكثيرة التي توضح هذا المنهج القويم.

<<  <  ج: ص:  >  >>