إذا تبين ذلك فإنه قد يرد سؤال مفاده: ما هو الفارق والميزان الذي نميز به بين البدعة والسنة؟ لأن كل مبتدع يزعم أنه على السنة، بل يرى أن بدعته بعينها هي السنة فالجواب أن نقول: السنة في اللغة هي الطريق. ولا ريب في أن أهل النقل والأثر والمتبعين آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم، وآثار أصحابه هم أهل السنة؛ لأنهم على تلك الطريق التي لم يحدث فيها حادث- وإنما وقعت الحوادث والبدع بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه.
هذا هو مفهوم السنة عند السلف، بعبارة مختصرة، هي: الطريقة التي كان عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه.
هذا هو المعنى الذي يعنينا في هذا المقام وهناك تعريفات أخرى للسنة عند المحدثين والأصوليين والفقهاء ليس من غرضنا التعرض لها هنا.
وأما تعريف البدعة فإني أنقل باختصار التعريف الذي أورده الإمام العلامة الشاطبي، رحمه الله تعالى في كتابه الاعتصام.
وأصل مادة «بدع» للاختراع على غير مثال سابق، ومنه قول الله تعالى {بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} أي مخترعهما من غير سابق متقدم، ويقال ابتدع فلان بدعة يعنى ابتدأ طريقة لم يسبقه إليها سابق. ويربط الإمام الشاطبي بين المعنى اللغوي والمعنى الشرعي فيقول: ومن هذا المعنى سميت البدعة بدعة، فاستخراجها للسلوك عليها هو الابتداع، وهيئتها