يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به ... سواك عند نزول الحادث العممي
فإن من جودك الدنيا وضرتها ... ومن علومك علم اللوح والقلم
ترى ماذا ترك لله بعد أن جعل جميع الكون بما فيه علم اللوح والقلم من إيجاد البشر. إن شخصية رسول الله صلى الله عليه وسلم غنية عن هذا الإطراء، وحسبه فخرًا أن الله اختاره ليكون رحمة للعالمين، وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا. وهذه المنزلة وإن كانت أشرف منزلة ينالها مخلوق إلاَّ أن ذلك لا يخرجه عن كونه بشرا تجرى عليه السنن الكونية التي تجرى على البشر، من الولادة، والحياة، والموت، وغير ذلك من سنن الله في البشر قال تعالى:{قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً} .
إن هؤلاء الغلاة قد أساءوا كلّ الإساءة إلى شخصية رسول الله صلى الله عليه وسلم بما يلفقونه من الأحاديث الكاذبة والأخبار الزائفة التي تجعله في مصاف الآله، مما فتح ثغرة ينفذ منها أعداء الإسلام والمسلمين إلى السخرية من الإسلام والطعن في شخصية رسول الله صلى الله عليه وسلم.
إننا نعتز كل الاعتزاز بشخصية رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونؤمن بأنه سيد ولد آدم، ونعتز بتلك المعاني الحية، والمبادئ القيمة التي جاء بها من عند الله، لكن يجب أن لا يحملنا هذا الاعتزاز على الخروج عن حدود المنزلة الصحيحة التي شرفه الله بها. وأننا نتساءل ماذا سنقول بعد الثناء العطر الذي أثنى الله به عليه من نحو قوله تعالى {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} وقوله تعالى {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ} وماذا سنقول بعد أن نوه الله باسمه، ورسالته خمس مرات كل يوم كل ما رفع الأذان، وماذا سنقول بعد قول الله تعالى {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ} وآيات وأحاديث كثيرة تتحدث عن سمو منزلته، لا يمكن حصرها في مثل هذه العجالة، وفى ما أوردناه غنية لمن تدبر وتأمل {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ} .
ومما ينبغي التنبيه عليه في هذا المقام، تلك الشبهة التي يتعلق بها أرباب الموالد. ولا سيما مولد النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك فهمهم الخاطئ الذي ينطبق عليه قول الشاعر: وآفته من الفهم السقيمى ... وهو ما توهموه من الحديث الذي رواه مسلم عن أبي قتادة رضي الله عنه أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن صوم الاثنين، فقال صلى