للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وأنت ربما قبلت ذلك أو صفحته. إلى أن في يقول: لقد ظننت باطلًا ورمت عسيرًا؛ لأن الصم أيًّا كان نوعه لا يدركه طالبه إلا بالانقطاع إليه والانكباب عليه، ثم قد يتأتَّى جنس من العلوم طالبه ويسهل ويمتنع عليه جنس آخر ويتعذَّر. فينبغي أن تقف حيث وقف بك وتقنع بما قسم لك ١.

وهذه وسائل النقد عند الآمدي وتعريف الفاقد عنده.

بين الجمال والجلال:

من القضايا النقدية، التي سبق بها الآمدي زمانه وعصره، قضية الجمال والجلال، أو الجمال والحلاوة. والفرق بينهما، وحينما ميَّز بينهما النقد الغربي حديثًا. ظن النقاد الأجانب أن هذا من بدع عصرهم وابتكاره.

وهذا خطأ، فمنذ أحد عشر قرنًا شهد النقد العربي القديم هذه القضية، وحدَّدها وفصَّل القول فيها. وخاصة الآمدي في "الموازنة"، والقاضي على بن عبد العزيز الجرجاني في "الوساطة".

وفرق الآمدي بين الجمال في النقد، فجعله محددًا، يقوم على التعليل ومعرفة الأسباب، فقواعده مقرَّرة. يحدِّدها الذوق الأدبي، وبين الحلاوة، "الجلال" التي تأخذ بمجامع القلوب، وتهزُّ المشاعر والوجدان، إذا ما فتشت عن أسباب الانبهار والتأثير لا تقف على سبب معين أو قاعدة مقرَّرة٢.

ودفعًا للتكرار فقد تناولت هذه القضية الخطيرة بالتفصيل في نقدنا العربي القديم والأصيل، وذلك في كتابي "الصورة الأدبية: تاريخ ونقد٣، وشرحت مفهوم كل منهما والمعالم المميزة لهما، وغير ذلك مما يوضح أصالة النقد الأدبي العربي.

<<  <   >  >>