للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَاشْتَرَطَ بَعْضُ الظَّاهِرِيَّةِ وَغَيْرُهُمْ إِقْرَارَ الشَّيْخِ نُطْقًا، وَبِهِ قَطَعَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ، وَأَبُو الْفَتْحِ سُلَيْمٌ الرَّازِيُّ، وَأَبُو نَصْرِ بْنُ الصَّبَّاغِ مِنَ الْفُقَهَاءِ الشَّافِعِيِّينَ. قَالَ أَبُو نَصْرٍ: لَيْسَ لَهُ أَنْ يَقُولَ (حَدَّثَنِي)، أَوْ (أَخْبَرَنِي)، وَلَهُ أَنْ يَعْمَلَ بِمَا قُرِئَ عَلَيْهِ، وَإِذَا أَرَادَ رِوَايَتَهُ عَنْهُ قَالَ: قَرَأْتُ عَلَيْهِ، أَوْ: قُرِئَ عَلَيْهِ، وَهُوَ يَسْمَعُ.

وَفِي حِكَايَةِ بَعْضِ الْمُصَنِّفِينَ لِلْخِلَافِ فِي ذَلِكَ أَنَّ بَعْضَ الظَّاهِرِيَّةِ شَرَطَ إِقْرَارَ الشَّيْخِ عِنْدَ تَمَامِ السَّمَاعِ: بِأَنْ يَقُولَ الْقَارِئُ لِلشَّيْخِ " وَهُوَ كَمَا قَرَأْتُهُ عَلَيْكَ؟ "، فَيَقُولُ: نَعَمْ.

وَالصَّحِيحُ أَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ لَازِمٍ، وَأَنَّ سُكُوتَ الشَّيْخِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ نَازِلٌ مَنْزِلَةَ تَصْرِيحِهِ بِتَصْدِيقِ الْقَارِئِ، اكْتِفَاءً بِالْقَرَائِنِ الظَّاهِرَةِ، وَهَذَا مَذْهَبُ الْجَمَاهِيرِ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ، وَالْفُقَهَاءِ، وَغَيْرِهِمْ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

الثَّالِثُ: فِيمَا نَرْوِيهِ عَنِ الْحَاكِمِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظ ِ رَحِمَهُ اللَّهُ، قَالَ: " الَّذِي أَخْتَارُهُ فِي الرِّوَايَةِ، وَعَهِدْتُ عَلَيْهِ أَكْثَرَ مَشَايِخِي، وَأَئِمَّةَ عَصْرِي: أَنْ يَقُولَ فِي الَّذِي يَأْخُذُهُ مِنَ الْمُحَدِّثِ لَفْظًا، وَلَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ: " حَدَّثَنِي فُلَانٌ "، وَمَا يَأْخُذُهُ مِنَ الْمُحَدِّثِ لَفْظًا، وَمَعَهُ غَيْرُهُ: " حَدَّثَنَا فُلَانٌ وَمَا قَرَأَ عَلَى الْمُحَدِّثِ بِنَفْسِهِ: " أَخْبَرَنِي فُلَانٌ "، وَمَا قُرِئَ عَلَى الْمُحَدِّثِ، وَهُوَ حَاضِرٌ: " أَخْبَرَنَا فُلَانٌ ".

وَقَدْ رُوِّينَا نَحْوَ مَا ذَكَرَهُ عَنْ

<<  <   >  >>