للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْبٍ صَاحِبِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وَهُوَ حَسَنٌ رَائِقٌ.

فَإِنْ شَكَّ فِي شَيْءٍ عِنْدَهُ أَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ " حَدَّثَنَا، أَوْ أَخْبَرَنَا "، أَوْ مِنْ قَبِيلِ " حَدَّثَنِي، أَوْ أَخْبَرَنِي " لِتَرَدُّدِهِ فِي أَنَّهُ كَانَ عِنْدَ التَّحَمُّلِ، وَالسَّمَاعِ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ غَيْرِهِ، فَيُحْتَمَلُ أَنْ نَقُولَ: لِيَقُلْ " حَدَّثَنِي أَوْ أَخْبَرَنِي "، لِأَنَّ عَدَمَ غَيْرِهِ هُوَ الْأَصْلُ.

وَلَكِنْ ذَكَرَ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمَدِينِيُّ الْإِمَامُ، عَنْ شَيْخِهِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ الْإِمَامِ، فِيمَا إِذَا شَكَّ أَنَّ الشَّيْخَ قَالَ: " حَدَّثَنِي فُلَانٌ "، أَوْ قَالَ " حَدَّثَنَا فُلَانٌ "، أَنَّهُ يَقُولُ " حَدَّثَنَا ".

وَهَذَا يَقْتَضِي فِيمَا إِذَا شَكَّ فِي سَمَاعِ نَفْسِهِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ: " حَدَّثَنَا "، وَهُوَ عِنْدِي يَتَوَجَّهُ بِأَنَّ (حَدَّثَنِي) أَكْمَلُ مَرْتَبَةً، وَ (حَدَّثَنَا) أَنْقَصُ مَرْتَبَةً، فَلْيَقْتَصِرْ إِذَا شَكَّ عَلَى النَّاقِصِ ; لِأَنَّ عَدَمَ الزَّائِدِ هُوَ الْأَصْلُ، وَهَذَا لَطِيفٌ. ثُمَّ وَجَدْتُ الْحَافِظَ أَحْمَدَ الْبَيْهَقِيَّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَدِ اخْتَارَ بَعْدَ حِكَايَتِهِ قَوْلَ الْقَطَّانِ مَا قَدَّمْتُهُ.

ثُمَّ إِنَّ هَذَا التَّفْصِيلَ مِنْ أَصْلِهِ مُسْتَحَبٌّ، وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ، حَكَاهُ الْخَطِيبُ الْحَافِظُ عَنْ أَهْلِ الْعِلْمِ كَافَّةً، فَجَائِزٌ إِذَا سَمِعَ وَحْدَهُ أَنْ يَقُولَ: " حَدَّثَنَا "، أَوْ نَحْوَهُ، لِجَوَازِ ذَلِكَ لِلْوَاحِدِ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ، وَجَائِزٌ إِذَا سَمِعَ فِي جَمَاعَةٍ أَنْ يَقُولَ: " حَدَّثَنِي " ; لِأَنَّ الْمُحَدِّثَ حَدَّثَهُ، وَحَدَّثَ غَيْرَهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

<<  <   >  >>