للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَحَكَى الْخَطِيبُ الْحَافِظُ تَجْوِيزَ ذَلِكَ عَنِ الْحَافِظِ الْإِمَامِ أَبِي الْحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيِّ، وَالْحَافِظِ أَبِي الْعَبَّاسِ الْمَعْرُوفِ بِابْنِ عُقْدَةَ الْكُوفِيِّ، وَغَيْرِهِمَا، وَقَدْ كَانَ الْفَقِيهُ الزَّاهِدُ نَصْرُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمَقْدِسِيُّ يَرْوِي بِالْإِجَازَةِ عَنِ الْإِجَازَةِ، حَتَّى رُبَّمَا وَالَى فِي رِوَايَتِهِ بَيْنَ إِجَازَاتٍ ثَلَاثٍ.

وَيَنْبَغِي لِمَنْ يَرْوِي بِالْإِجَازَةِ عَنِ الْإِجَازَةِ أَنْ يَتَأَمَّلَ كَيْفِيَّةَ إِجَازَةِ شَيْخِ شَيْخِهِ، وَمُقْتَضَاهَا، حَتَّى لَا يَرْوِيَ بِهَا مَا لَمْ يَنْدَرِجْ تَحْتَهَا، فَإِذَا كَانَ مَثَلًا صُورَةُ إِجَازَةِ شَيْخِ شَيْخِهِ (أَجَزْتُ لَهُ مَا صَحَّ عِنْدَهُ مِنْ سَمَاعَاتِي)، فَرَأَى شَيْئًا مِنْ مَسْمُوعَاتِ شَيْخِ شَيْخِهِ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْوِيَ ذَلِكَ عَنْ شَيْخِهِ عَنْهُ، حَتَّى يَسْتَبِينَ أَنَّهُ مِمَّا كَانَ قَدْ صَحَّ عِنْدَ شَيْخِهِ كَوْنُهُ مِنْ سَمَاعَاتِ شَيْخِهِ الَّذِي تِلْكَ إِجَازَتُهُ، وَلَا يَكْتَفِي بِمُجَرَّدِ صِحَّةِ ذَلِكَ عِنْدَهُ الْآنَ، عَمَلًا بِلَفْظِهِ، وَتَقْيِيدِهِ، وَمَنْ لَا يَتَفَطَّنْ لِهَذَا وَأَمْثَالِهِ يَكْثُرْ عِثَارُهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

هَذِهِ أَنْوَاعُ الْإِجَازَةِ الَّتِي تَمَسُّ الْحَاجَةُ إِلَى بَيَانِهَا، وَيَتَرَكَّبُ مِنْهَا أَنْوَاعٌ أُخَرُ سَيَتَعَرَّفُ الْمُتَأَمِّلُ حُكْمَهَا مِمَّا أَمْلَيْنَاهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

ثُمَّ إِنَّا نُنَبِّهُ عَلَى أُمُورٍ:

أَحَدُهَا: رُوِّينَا عَنْ أَبِي الْحُسَيْنِ أَحْمَدَ بْنِ فَارِسٍ الْأَدِيبِ الْمُصَنِّفِ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ: " مَعْنَى الْإِجَازَةِ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ مَأْخُوذٌ مِنْ جَوَازِ

<<  <   >  >>