الْمَاءِ الَّذِي يُسْقَاهُ الْمَالُ مِنَ الْمَاشِيَةِ وَالْحَرْثِ، يُقَالُ مِنْهُ: اسْتَجَزْتُ فُلَانًا، فَأَجَازَ لِي، إِذَا أَسْقَاكَ مَاءً لِأَرْضِكَ، أَوْ مَاشِيَتِكَ، كَذَلِكَ طَالِبُ الْعِلْمِ يَسْأَلُ الْعَالِمَ أَنْ يُجِيزَهُ عِلْمَهُ، فَيُجِيزُهُ إِيَّاهُ.
قُلْتُ: فَلِلْمُجِيزِ عَلَى هَذَا أَنْ يَقُولَ: " أَجَزْتُ فُلَانًا مَسْمُوعَاتِي، أَوْ مَرْوِيَّاتِي "، فَيُعَدِّيَهُ بِغَيْرِ حَرْفِ جَرٍّ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إِلَى ذِكْرِ لَفْظِ الرِّوَايَةِ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، وَيَحْتَاجُ إِلَى ذَلِكَ مِنْ يَجْعَلُ الْإِجَازَةَ بِمَعْنَى التَّسْوِيغِ، وَالْإِذْنِ، وَالْإِبَاحَةِ، وَذَلِكَ هُوَ الْمَعْرُوفُ، فَيَقُولُ: (أَجَزْتُ لِفُلَانٍ رِوَايَةَ مَسْمُوعَاتِي) مَثَلًا، وَمَنْ يَقُولُ مِنْهُمْ: (أَجَزْتُ لَهُ مَسْمُوعَاتِي) فَعَلَى سَبِيلِ الْحَذْفِ الَّذِي لَا يَخْفَى نَظِيرُهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الثَّانِي: إِنَّمَا تُسْتَحْسَنُ الْإِجَازَةُ إِذَا كَانَ الْمُجِيزُ عَالِمًا بِمَا يُجِيزُ، وَالْمُجَازُ لَهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ ; لِأَنَّهَا تَوَسُّعٌ، وَتَرْخِيصٌ، يَتَأَهَّلُ لَهُ أَهْلُ الْعِلْمِ لِمَسِيسِ حَاجَتِهِمْ إِلَيْهَا، وَبَالَغَ بَعْضُهُمْ فِي ذَلِكَ فَجَعَلَهُ شَرْطًا فِيهَا. وَحَكَاهُ أَبُو الْعَبَّاسِ الْوَلِيدُ بْنُ بَكْرٍ الْمَالِكِيُّ، عَنْ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو عُمَرَ: " الصَّحِيحُ أَنَّهَا لَا تَجُوزُ إِلَّا لِمَاهِرٍ بِالصِّنَاعَةِ، وَفِي شَيْءٍ مُعَيَّنٍ لَا يُشْكِلُ إِسْنَادُهُ "، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الثَّالِثُ: يَنْبَغِي لِلْمُجِيزِ إِذَا كَتَبَ إِجَازَتَهُ أَنْ يَتَلَفَّظَ بِهَا، فَإِنِ اقْتَصَرَ عَلَى الْكِتَابَةِ كَانَ ذَلِكَ إِجَازَةً جَائِزَةً، إِذَا اقْتَرَنَ بِقَصْدِ الْإِجَازَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute