للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَقَدْ حَدَّثَ خَلْقٌ بَعْدَ مُجَاوَزَةِ هَذَا السِّنِّ، فَسَاعَدَهُمُ التَّوْفِيقُ، وَصَحِبَتْهُمُ السَّلَامَةُ، مِنْهُمْ: أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، وَسَهْلُ بْنُ سَعْدٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أَوْفَى مِنَ الصَّحَابَةِ، وَمَالِكٌ، وَاللَّيْثُ، وَابْنُ عُيَيْنَةَ، وَعَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، فِي عَدَدٍ جَمٍّ مِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ، وَالْمُتَأَخِّرِينَ. وَفِيهِمْ غَيْرُ وَاحِدٍ حَدَّثُوا بَعْدَ اسْتِيفَاءِ مِائَةِ سَنَةٍ، مِنْهُمُ: الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ، وَأَبُو الْقَاسِمِ الْبَغَوِيُّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ الْهُجَيْمِيُّ، وَالْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ الطَّبَرِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

ثُمَّ إِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِلْمُحَدِّثِ أَنْ يُحَدِّثَ بِحَضْرَةِ مَنْ هُوَ أَوْلَى مِنْهُ بِذَلِكَ.

[وَ] كَانَ إِبْرَاهِيمُ، وَالشَّعْبِيُّ إِذَا اجْتَمَعَا لَمْ يَتَكَلَّمْ إِبْرَاهِيمُ بِشَيْءٍ، وَزَادَ بَعْضُهُمْ فَكِرَهَ الرِّوَايَةَ بِبَلَدٍ فِيهِ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ مَنْ هُوَ أَوْلَى مِنْهُ، لِسِنِّهِ، أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ.

رُوِّينَا ... عَنْ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ، قَالَ: " إِذَا حَدَّثْتُ فِي بَلَدٍ فِيهِ مِثْلُ أَبِي مُسْهِرٍ فَيَجِبُ لِلِحْيَتِي أَنْ تُحْلَقَ " ... . وَعَنْهُ أَيْضًا: " إِنَّ الَّذِي يُحَدِّثُ بِالْبَلْدَةِ - وَفِيهَا مَنْ هُوَ أَوْلَى بِالتَّحْدِيثِ مِنْهُ - فَهُوَ أَحْمَقُ ".

وَيَنْبَغِي لِلْمُحَدِّثِ - إِذَا الْتُمِسَ مِنْهُ مَا يَعْلَمُهُ عِنْدَ غَيْرِهِ، فِي بَلَدِهِ، أَوْ غَيْرِهِ، بِإِسْنَادٍ أَعْلَى مِنْ إِسْنَادِهِ، أَوْ أَرْجَحَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ - أَنْ يُعْلِمَ الطَّالِبَ بِهِ، وَيُرْشِدَهُ إِلَيْهِ، فَإِنَّ الدِّينَ النَّصِيحَةُ.

وَلَا يَمْتَنِعُ مِنْ تَحْدِيثِ أَحَدٍ لِكَوْنِهِ غَيْرَ صَحِيحِ النِّيَّةِ فِيهِ، فَإِنَّهُ يُرْجَى لَهُ حُصُولُ النِّيَّةِ مِنْ بَعْدُ.

رُوِّينَا عَنْ مَعْمَرٍ، قَالَ: كَانَ يُقَالُ: " إِنَّ الرَّجُلَ لَيَطْلُبُ الْعِلْمَ لِغَيْرِ اللَّهِ، فَيَأْبَى عَلَيْهِ الْعِلْمُ حَتَّى يَكُونَ لِلَّهِ

<<  <   >  >>