وَكِيعِ بْنِ الْجَرَّاحِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: " لَا يَنْبُلُ الرَّجُلُ مِنْ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ حَتَّى يَكْتُبَ عَمَّنْ هُوَ فَوْقَهُ وَعَمَّنْ هُوَ مِثْلُهُ، وَعَمَّنْ هُوَ دُونَهُ " ... ، وَلَيْسَ بِمُوَفَّقٍ مَنْ ضَيَّعَ شَيْئًا مِنْ وَقْتِهِ فِي الِاسْتِكْثَارِ مِنَ الشُّيُوخِ، لِمُجَرَّدِ اسْمِ الْكَثْرَةِ وَصِيتِهَا.
وَلَيْسَ مِنْ ذَلِكَ ... قَوْلُ أَبِي حَاتِمٍ الرَّازِيِّ: " إِذَا كَتَبْتَ فَقَمِّشْ، وَإِذَا حَدَّثْتَ فَفَتِّشْ " ... .
وَلْيَكْتُبْ، وَلْيَسْمَعْ مَا يَقَعُ إِلَيْهِ مِنْ كِتَابٍ أَوْ جُزْءٍ عَلَى التَّمَامِ، وَلَا يَنْتَخِبُ. فَقَدْ ... قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: " مَا انْتَخَبْتُ عَلَى عَالَمٍ قَطُّ إِلَّا نَدِمْتُ " ... . وَرُوِّينَا عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: " لَا يُنْتَخَبُ عَلَى عَالَمٍ إِلَّا بِذَنْبٍ "، وَرُوِّينَا - أَوْ بَلَغَنَا - ... عَنْ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ أَنَّهُ قَالَ: " سَيَنْدَمُ الْمُنْتَخِبُ فِي الْحَدِيثِ حِينَ لَا تَنْفَعُهُ النَّدَامَةُ " ... .
فَإِنْ ضَاقَتْ بِهِ الْحَالُ عَنِ الِاسْتِيعَابِ، وَأُحْوِجَ إِلَى الِانْتِقَاءِ، وَالِانْتِخَابِ، تَوَلَّى ذَلِكَ بِنَفْسِهِ إِنْ كَانَ أَهْلًا مُمَيِّزًا، عَارِفًا بِمَا يَصْلُحُ لِلِانْتِقَاءِ، وَالِاخْتِيَارِ، وَإِنْ كَانَ قَاصِرًا عَنْ ذَلِكَ اسْتَعَانَ بِبَعْضِ الْحُفَّاظِ لِيَنْتَخِبَ لَهُ. وَقَدْ كَانَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْحُفَّاظِ مُتَصَدِّينَ لِلِانْتِقَاءِ عَلَى الشُّيُوخِ، وَالطَّلَبَةُ تَسْمَعُ وَتَكْتُبُ بِانْتِخَابِهِمْ، مِنْهُمْ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أُرْمَةَ الْأَصْبَهَانِيُّ، وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَعْرُوفُ بِعُبَيْدٍ الْعِجْلِ، وَأَبُو الْحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ الْجِعَابِيُّ، فِي آخَرِينَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute